إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

المؤامرة من جديد؟؟

قاضي قضاة السودان


روت الصحف أن قاضي القضاة قال: (ما نشر لمحمود يعتبر اساءة لأكبر هيئة قضائية في السودان..) وأنا أكتفي اليوم من إساءة (أكبر هيئة قضائية في السودان) بإيراد أقوال رئيسها، قاضي القضاة.. زعموه قال: (إن هذه القضية ليست القضية الأولى من نوعها، وقضايا الحسبة التي نظرت أمام المحكمة كثيرة، ومنها قضايا سب الدين لفظاً وصنعا والتي حكم في كثير منها بالردة على من سبوا الدين.. إلا أن هؤلاء تابوا خلال ثلاثة أيام "الإستتابة الممنوحة").هذا ما نسبته الصحف لقاضي القضاة.. فهو يرى، إذن، أن قضيتي معهم ((ليست الأولى من نوعها))، وإنما هي عنده تشبه قضايا من يسبون الدين، وهم بالطبع كثيرون، ويزدادون كل يوم، وهم عندما تحاكمهم محاكم قاضي القضاة بالردة، ويأمرون بالتوبة يتوبون ((خلال ثلاثة أيام)).. وعلى هذه التجارب الخصبة، من تجارب المحاكم الشرعية، فلماذا لا يتوب محمود محمد طه؟ ألم تأمره بالتوبة المحكمة الشرعية العليا، وأعطته المهلة لهذه التوبة؟؟
هذه قولة شدية الدلالة على مستوى فهم قاضي القضاة.. أخرى نسبت الصحف، لنفس هذا الرجل، قوله: (إن الحكم الذي أصدرته المحكمة الشرعية ضد محمود هو من صميم أعمالها، والوقائع الماضية، والقانون، يؤيدان ذلك الحق.. وإن كل ما نشر في الصحف من عدم أحقية المحكمة لإصدار ذلك الحكم خطأ). لماذا؟ لأن ((هذا الحكم تترتب عليه أشياء كثيرة، مثل الميراث والأحكام الزوجية، وهذه كلها من صميم أعمال المحاكم الشرعية)) إنتهى قوله.. نحن، إذن، أمام رجل يعرف حدود تخصصه، وهي الأحوال الشخصية، من تقسيم المواريث ومشاكل الزوجية، ولكنه يتوهم أن هذا التخصص الضيق يعطيه حقاً لم يعطه الدستور لمحكمة، وهو إسقاط الحق الأساسي للمواطنين.. هذا أبلغ مثال من أمثلة التفكير المعوج.. وكيف يصح أن يصير صاحب التفكير المعوج قاضيا في أمور الناس؟؟ وفي الأحوال الشخصية بالذات وهي ألصق بالأفراد، وبالأسر وبالمجتمع، من جميع القضايا؟ اللهم إن هذه غفلة، وقد سنحت الفرصة لتصحيحها، وسيتولى الحزب الجمهوري الدعوة إالى تصفية المحاكم الشرعية الحاضرة حتى تقوم في مكانها، المحاكم التي تطبق الدين الاسلامي التطبيق الصحيح. ثم منذ كم أصبح القضاء الشرعي (أكبر هيئة قضائية في السودان)؟؟ أحين كان خاضعا للسكرتير القضائي منذ نشأته وإلى أن ازال الله ((بالأفندية)) عهد الاستعمار، أم حين ظل خاضعاً لإشراف رئيس القضاء السوداني منذ فجر الاستقلال؟؟ إن هذا تزييف، الشعب السوداني يعرف حقيقته!! ألم أقل لكم، أيها القضاة الشرعيون، أريحوا الإسلام وأريحوا الناس من هذه الغثاثة؟؟
أم درمان 23/11/1968
محمود محمد طه