الديمقراطية
حكم الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب: تلك هي الديمقراطية الشعبية ، وهي الديمقراطية التي نريد. وقد ينبغي أن نعلم هنا أن الشعب المستنير اليقظ الساهر علي حقه في الحرية وحقه في الحياة وحده هو الذي يستطيع أن يحقق الديمقراطية الشعبية فإذا ما أردنا الديمقراطية حقا فقد وجب أن نميز المعرفة ونحترمها وأن نميز العارفين ونحترمهم ووجب لذلك أن نجعل حق الانتخاب لا يناله إلا المواطن الحائز علي حظ خاص من العلم وحق الترشيح لا يناله الا المواطن الحائز علي حظ اخص علي أن نجعل وكدنا توسيع هاتين الدائرتين حتي تشمل أولاهما كل مواطن وكل مواطنة وحتي تشمل ثانيتهما أكبر عدد ممكن من المواطنين رجالا ونساء علي السواء. فإذا كان ذلك كذلك فقد وجب أن تكون أكبر وزارة في الحكومة الصالحة وزارة المعارف ، إذ علي عاتق الحكومة الصالحة يقع واجب تعليم الشعب تعليما شاملا برصد أغلب ميزانيتها لإنشاء المدارس وإعداد المدرسين حتي يتمكن سائر الشعب من المشاركة الفعالة في انتخاب حكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم علي جميع ما يأتون وما يدعون فإن ثمن الحرية الفردية دوام السهر علي رعايتها.
1- علي الحكومة الصالحة أن ترتب جميع مرافقها بحيث يكون تنوير الشعب هدفها الأول فالمشرع ، والقاضي ، والإداري والبوليس يجب أن يكونوا جميعا ، كل في مجاله ، مدرسين للشعب يعينوه علي اكتساب العفة وحفظ الكرامة وحب النظام وإحترام القانون والحرص علي أداء الواجب والتفاني في الخدمة العامة وفي تعمير الخراب وتجميل القبيح وفي أن يحرص كل فرد علي أن يترك الحياة أعمر بمعاني الخير والحب والمرحمة مما وجدها ، فإن ذلك أدني أن يخلق رأيا عاما حكيما وأن يهيء بيئة سليمة تعين منابع الخير المستكنة في الصدور أن تنبجس ، ثرة ، طيبة.
2- في الحديث عن الاشتراكية قلنا إن الناس يجب أن يعملوا كل شيء لأنفسهم بأنفسهم علي أسلوب الجمعيات التعاونية ونقول هنا في الحديث عن الديمقراطية إن الناس يجب أن يعملوا كل شيء لإنفسهم بإنفسهم علي أسلوب الحكومات المحلية فتتنافس الحكومات المحلية فيما بينها في تحقيق المجموعة الصالحة وفي إنجاب الفرد السعيد وفي نشر التعليم وتقليل الجرائم واستتباب الأمن. وعلي الحكومة المركزية أن تشرف علي تنسيق جهود الحكومات المحلية المختلفة حتي يتقدم القطر نحو الحضارة كوحدة متماسكة.
3- واجب تنوير الشعب يقع علي الأفراد المتعلمين أيضا علي قاعدة "كل واحد يعلم واحد" تشرف علي ذلك الجمعيات الخيرية والحكومات المحلية.
4- في الحديث عن الاشتراكية قلنا علي الحكومة المركزية واجب تنمية الموارد الطبيعية للثروة ونقول هنا إن أهم هذه الموارد المورد البشري فإن علي عدده ونوعه تتوقف تنمية الثروة المعدنية والنباتية والحيوانية فواجب الحكومة أن تنمي عدده و أن تستجيد نوعه بالرعاية الصحية والتعليم فإن الفرد الصحيح المتعلم لا بد منتج عقليا وعضليا إنتاجا يزيد في الثروة القومية من جميع نواحيها يضاف الي ذلك أن الفرد الصحيح المتعلم لا تطيب نفسه باستهلاك كل ما ينتج ، بل إنه لا تطيب نفسه باستهلاك كل ما ينتج لأنه يفكر في مصلحة الجماعة وهو لا بد يعلم أن المساواة الاقتصادية لا تتيسر إذا كان الأفراد لا ينتجون أكثر مما يستهلكون.