إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الوثائق تكشف التآمر الجنائي


بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)
صدق الله العظيم..

المقدمة:


نكشف في هذا الكتيب التآمر، والقصد الجنائي لاغتيال الأستاذ محمود محمد طه، اغتيالا سياسيا سافرا، وذلك بتدبير تلك المحاكمة الصورية، التي افتقرت إلى أبسط مقتضيات العدالة، وعجَّت بالأخطاء القانونية عجيجاً وهي تتحرى التحريف في المستندات والأقوال بصورة متهافتة مشينة. فالوثائق في هذا الكتيب تكشف سبق الاصرار على هذا الاغتيال، ثم التدبير الكامل، والتنفيذ المتعجل له.. ولذلك من منطلق الخصومة السياسية الجانحة، والكيد الحزبي الرخيص.. فقد استهدف الأستاذ محمود ضرب نظام مايو في مركزيته التي كان يلف حولها مع سدنته من الأخوان المسلمين ومدَّعي التصوف، وهي الاستغلال السيء للدين للأغراض السياسية، فاستهدف النظام، وسدنته تصفيته الجسدية.. ثم إن ضلوع الأخوان المسلمين في هذه القضية إنما حوَّلها إلى مجرد تصفية للحسابات الحزبية قاموا بها على أسلوبهم الدموي مستغلين تعطش نميري للتشفِّي، ومسخِّرين دولاب قضائه الذي كان يحرِّكه لإرهاب الشعب، وإسكات صوت المعارضة السياسية..
إن عناصر التآمر والقصد الجنائي ثابتة، بلا أدنى ريب، وسواء تمَّت اليوم الإدانة القضائية لهذا التآمر، أو لم تتم، فستظل الجريمة ثابتة، وماثلة، وستظل أغلالها ملتفة حول أعناق المجرمين.. والله المستعان.

حلقات التآمر الجنائي:


بعد اعتقال سياسي دام عاما ونصف عام، أطلق نميري سراح الأستاذ محمود وتلاميذه، بصورة فجائية مريبة، مما يشير إلى أن هناك تآمراً يسعى لتحويلهم من معتقلين سياسيين إلى مجرمين جنائيا، ذلك أنهم برزوا كمعارضة مباشرة للنظام من خلال رفع القضايا الدستورية ضد قوانين سبتمبر 1983، والقضايا الجنائية ضد رئيس جهاز أمن الدولة، ومن خلال إصدار كتاب ومنشور يكشفان مفارقات تلك القوانين، وتطبيقاتها، للشريعة، نصَّاً وروحاً، بما يكشف الغرض السياسي منها، وهو إرهاب الشعب، وتصفية المعارضة، وذلك وسط موجات السخط الشعبي المتصاعدة، ووسط المعارضة النقابية والحزبية المنظمة، بينما النظام آخذ في التخبط والانهيار، وهو يفقد كل مقومات البقاء والاستمرار، والجمهوريون يكشفونه في آخر معاقله حيث احتمى بالهوس الديني، والْتحف قداسة الشريعة.. وبذلك شكَّل الأستاذ محمود مقاومة فعَّالة ضد سلطة مايو فلجأ نميري إلى تصفية الأستاذ محمود جسديا بتدبير تآمر جنائي ضده في صورة محاكمة ملفَّقة وقد أفصح نميري عن غيظه وسوء نيته، وكشف عن انزعاجه من الجمهوريين، في خطابه الذي أعلن فيه حالة الطوارئ في العام الماضي واصفا اياهم بادعاء الألوهية!! وكرَّر ذلك في خطاب تأييده لحكم الاعدام!!
ولمَّا لم يكن إلى تدبير هذا التآمر الجنائي من سبيل والأستاذ محمود معتقل، أطلق نميري سراحه، وهو يتحين الفرصة لإنفاذ جريمته المبيَّتة، لدى أول بادرة معارضة من الجمهوريين، لا سيّما وهو يعلم أن الأستاذ محمود لن يكف عن معارضته، ولا سيّما أن العدة قد أعدت بقانون العقوبات الجديد، لتصفية أية صورة من من صور المعارضة وهو قانون يرفع أية معارضة فعَّالة للنظام، إلى درجة الخيانة العظمى والمساس بأمن البلاد!! ويوقِّع عليها عقوبة الاعدام!! وقد نصَّب نميري في المحاكم الجنائية القضاة الذين ينفذون مخططه الاجرامي لإرهاب الشعب وإسكات صوت المعارضة، حيث صاغت له بطانته قانون الهيئة القضائية ليعطيه هذا الحق في تنصيب القضاة.. وسنرى من الوثائق أن نميري كان يلوِّح بردة الأستاذ محمود أثناء اعتقاله مما يشير إلى أن إطلاق سراحه كان أول حلقات ذلك التآمر الجنائي..