المسيح المنتظر ليس عيسى الإسرائيلي !!
بيد أن المسيح المنتظر ليس عيسى الإسرائيلي كما يظن غالبية المسلمين اليوم ، وإنما هو رجل من أمة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى: (لو لم يبق من عمر الدنيا إلاّ مقدار ساعة ، لمد الله فيه ، حتى يبعث رجلا من آل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا) .. وواضح العبارة في كون الرجل ، من آل البيت ..
وكون عيسى المنتظر ليس عيسى الإسرائيلي له سببان ، أولهما: أن نبوءة الوحي قد ختمت بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ، ولا مجال لمجيء نبي يوحى إليه من بعده ، وكذلك كان عيسى .. وإنما المجال فقط للفهم من القرآن ، وهذا من حظ أهل القرآن . ولذلك فالرجل المنتظر رجل من أمة محمد يأتي ليبعث أصول الإسلام ويقيم عليها دولة السلام ، وهو الذي (لا تهزم له راية) ، ذلك لأنه إنما يأتي بسلطان الفكر المحيط والمسيطر الذي تدين له العقول .. وهذه هي الآية التي تخضع لها الأعناق. قال تعالى: (طسم * تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزّل عليهم من السماء آية فظلّت أعناقهم لها خاضعين) .. هذه الآية ، إنما هي آية (العلم) المسيطر على كل العقول ، (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون) .. وهو بهذا المعنى إنما يخرج للناس بمعجزة القرآن الثانية .. فبعد أن دان الناس في الماضي لمعجزته المتمثلة في البلاغة سيدين الناس اليوم لمعجزته المتمثلة في (العلم) ، العلم بظواهر ، وببواطن الأمور .. (وإلى الله ترجع الأمور) .. هذا العلم هو الذي جعل حركة البعث الثاني ليست في حاجة إلى الإكراه ، على خلاف حركة البعث الأول التي احتاجته ..
وأما ثانيهما: فهو أن الألوهية لا تكرّر نفسها .. وقوله تعالى: (كل يوم هو في شأن) إنما تعني أنه ، سبحانه وتعالى ، له علم جديد ، وله فعل جديد ، في كل لحظة ، بالغة ما بلغت هذه اللّحظة من الصغر ، والدقة .. فالألوهية لا تقف ، ولا ترجع ، ولا تكرّر نفسها ، ولا يليق بجلالها ما هو دون ذلك .. ولو صحّ أن تكرر الألوهية نفسها لما كان هنالك من هو أولى بالعودة من محمد عليه أفضل الصلاة ، وأتم التسليم .. وهذا ما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنه حين قال: (عجبت لمن ينتظر عودة عيسى ، ولا ينتظر عودة محمد !!) وكان يشير إلى الآية: (إن الذي فرض عليك القرآن ، لرادّك إلى معاد) ..