المساواة أمام الله
إن المرأة في الآخرة مساوية للرجل في المسئولية الفردية: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).. أو (وأن تدع مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى). وهذه المساواة إن كانت فقدتها في الدنيا بسبب قصورها وبسبب تخلّف المجتمع في القرن السابع، فهي لن تفقدها اليوم، ومن باب أولى لن تفقدها في الآخرة، في الجنة، فهي ستكون متساوية مع زوجها كما هي متساوية معه في الحساب أمام الله، ثم إن الأمر صائر، وسائر الى الفردية، لا الى التعدد، وفي ذلك يقول تعالى: (إن كل من السموات والأرض الاّ أتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم، وعدّهم عدّا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا).. فمبدأ الزوجة الواحدة للزوج الواحد، هو الأقرب افضاء الى التوحيد.
إن المساواة بين الرجل والمرأة، امام الله يوم الحساب، لا يستدل به على صحة، وضرورة المساواة بينهما في الجنة وحسب، بل في هذه الحياة أيضا، في عصرنا الحاضر، حيث تخرجت المرأة (من الجامعة) بعد أن خرجت في القرن السابع من (الحفرة).. فلا يصح الآن، عقلا، كما لا يصح دينًا، في الفهم الواعي للإسلام، أن يجمع طبيب، مثلا، في عصمته أربع طبيبات، وهنّ المساويات له في تحصيل العلم، وفي الدخل المادي، وإنما الذي يصح عقًلا، ودينًا، وبه تتحقق السعادة للفرد، والمنفعة للجماعة أن يكون الزوج الواحد للزوجة الواحدة، الاّ في حالة الضرورة – انظر: (تعدد الزوجات ليس أصلا في الإسلام) من كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) ص ١٢٦.
أقدس القضايا يتناولها شعراوي تناولا عامّيا:
إن النقص، والخلل لا يحتوش فقط النظرة الدينية عند الشعراوي، وإنما يمتد ذلك حتى لمعلوماته الصحية فهو قد جمع الى غثاثة العبارة، خطأ في المعلومات الصحية، فقد قال متباهيا في مواجهة الأمريكان، الذين نعتهم بالكفر والإلحاد، وهم المسيحيون، مبينا لهم، في زعمه، فائدة عدم التعدد بالنسبة للنساء ثم هو يعقد المقارنة بين التعدد في الزواج والتعدد في البغاء: (اذن فالخبث في الأمراض لا يتعدد الاّ من تعدد ماء الرجال في المكان الواحد، قلت: اذن فصدق الله خلقه حين أباح أن تتعدد المرأة ولم يبح أن يتعدد الرجال..)
والأطباء إن اطلعوا على قول هذا الشيخ سخروا منه، ذلك بأن المرض هنا سببه الميكروب الذي قد تحمله المرأة، وقد يحمله الرجل، بسبب البغاء، أو بسبب الوراثة، في أمراض معينة.. إن النفس لتتأذى من متابعة هذه الغثاثة التي تنضح بها كلمات هذا الشيخ عن أمر المرأة وعلاقتها بالرجل.. فعلاقة الرجل بالمرأة في الزواج علاقة مقدسة يحوطها الحفظ والرفعة فإذا خاض في أمرها أحد، بمثل ما خاض الشيخ شعراوي، فإنه يفسد ولا يصلح، ويحط من القيم ولا يرفع..
وفي ختام هذا التعليق نحب أن نسوق هذه الفقرات عن شرف علاقة الرجل بالمرأة في الزواج: (هناك شريعة تقوم على أصول الدين ومتعلّقها آيات الأصول فهي منها تنبعث وعليها تستند.. والزواج، في هذه الشريعة يقوم على الكفاءة بين الرجل والمرأة.. الزواج هنا إنما هو ترسيم للعلاقة القائمة في ((الحقيقة)).. زوجتك فيه هي صنو نفسك.. ويمكن تعريف الزواج هنا بأنه شراكة بين شريكين متكافئين ومتساويين في الحقوق، والواجبات).. (انفعال الأنوثة بالذكورة وهو ما يسمى عندنا، (بالعلاقة الجنسية) وهي علاقة عظيمة الشرف لأنها حين تقع بشريعتها بين الأطهار والرفعاء العارفين بالله تكون ثمرتها المباشرة تعميق الحياة، وإخصابها، ووصلها بالله، بغير حجاب، وهذه هي ذروة اللذة، وتكون ثمرتها شبه المباشرة المعارف اللّدنية التي تفاض، والتي تغمر الذكر والأنثـى اللذين تقع بينهما هذه المشاركة النظيفة الرفيعة.. ثم تكون ثمرتها، غير المباشرة، الذرية الصالحة من بنين وبنات).. الخ، من كتاب (تطوير شريعة الأحوال الشخصية) ص ٦٠.. وليقارن القارئ بين هذا التناول العلمي الديّن لعلاقة الزواج، وبين ذلك الأسلوب العامّي الذي تناول به الشيخ شعراوي هذا الموضوع..