تعجيل الفطر والتفرغ للصلاة:
ان من الفقه في الدين سوق النفس، وتدريجها.. ومن أمثلة ذلك أن يعجل الناس الفطر في رمضان، اذ ليس من الحذق في شيء أن يبطيء أحد بعد مغيب الشمس في تناول افطاره، بدعوي قوة التحمل، والصبر.. فهو عنت تلج منه النفس، وتكره العبادة بسببه، وهو ليس من نهج السنة، ولقد قال النبي في هذا الشأن: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)..
وهناك لبس يقع فيه الناس اليوم، وذلك انهم اعتادوا أن يتناولوا قدرا قليلا من الماء والطعام، ثم ينهضوا لصلاة المغرب قبل ان تقضي النفس حاجتها إلى الطعام والشراب، ثم يعودوا بعد ذلك لاستئناف أكلهم وشرابهم، ظنا منهم أن في هذا وفاء بحق الصلاة!! ولكن فات عليهم ان من اولي ما تتطلبه الصلاة هو تفريغ قلب المصلي عما سواها، حتى يأتيها وهو مقبل عليها بكليته، لا تتوزعه الرغبة في الأكل والشراب.. كما فات عليهم أن وقت المغرب هو من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر.. واذن، فإن الحكمة تقتضي الا يعجل الصائم نفسه عند الفطر، وإنما يجب ان يأخذ كفايته من الطعام والشراب قبل أن يقوم إلى صلاة المغرب، كي يعين نفسه على الحضور في الصلاة، التي ما جعل الصوم الا وسيلة لتجويدها، ولبعث الروح فيها.