إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أبعدوا رئيس القضاء

الخروج من الأزمة:


رغم كل ما يمكن أن يقال عن السادة القضاة والسلبيات الكثيرة التي تصاحب عملهم القضائي، وتلك التي صاحبت اختيارهم، ومعالجتهم للقضية الراهنة، فإن كل ذلك ما هو إلاّ مظهر للمشكلة الكبيرة التي نلمسها في جميع المرافق والمؤسسات الأخرى، وهي غياب الضمير، وضعف الفكر، لغياب التربية الفكرية، والأخلاقية، السليمة.
ولن يكون الحل الكامل، والجذري، لمشكلة الأداء القضائي، أو الطبي، أو الهندسي، أو خلافه، الاّ بالثورة الثقافية الشاملة التي تعيد صياغة الفرد، وتربيته على الأخلاق الدينية الإنسانية الرفيعة، في رعاية حقوق الآخرين، ودوام الحرص على مصالحهم، ورؤية نفس كل واحد منّا في كل الآخرين..
ولن تكون الثورة الثقافية هذه الاّ بالتزام كل منّا منهاج السنّة النبوية الشريفة في العبادة، وفي المعاملة حتى نعيد تعليم أنفسنا القيم الدينية الرفيعة في عبارات النبي عليه الصلاة والسلام مثل: (الدين المعاملة) ومثل (الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) ومثل (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ومثل (من غشنا ليس منّا).. هذه هي قيم الأنانية العالمة، الذكية، التي تحب لنفسها، ولكنها تعلم أنه لا سبيل لتوصيل الخير لنفسها الاّ بضمان الخير للجميع.. فهي تستطيع أن تتصور أنها يمكن أن تكون في أي موقع، وفي حاجة من حاجات التعامل مع أي فئة من الناس.. فكيف يكون حال القاضي، مثلا، لو كان هو أحد طرفي الخصومة، أو لو كان متهما؟؟ فماذا يحب لنفسه، في ذلك المقام؟؟
ومع هذه الرؤية الكبيرة والشاملة فإننا نجد في الأزمة الراهنة فرصة ذهبية لتصحيح مسار القضاء، وإعادة صياغة الهيئة القضائية، حتى تنتهي الى إرساء قواعد العدالة الناجزة، في ظل القضاء المستقل، القائم على رعاية حكم القانون، وضمان الحقوق الدستورية للمواطنين.. وبهذا العمل نعيد للهيئة القضائية هيبتها واحترامها لنفسها ونعيد للسادة القضاة ثقتهم بأنفسهم، ونغريهم بالأخذ بأسس، وتقاليد، العمل القضائي الرفيع، من تواضع، وحياد، وعلم، وجدية، في العمل..