بسم الله الرحمن الرحيم
(إنهم يكيدون كيدا * وأكيد كيدا * فمهّل الكافرين!! أمهلهم رويدا!!)
صدق الله العظيم
اتفاقية السلام في مصلحة العرب
وضد مصلحة الشيوعية الدولية
بعد تجربة دامت أكثر من ثلاثين عاما، أي منذ حرب فلسطين الأولى عام 1948، وبعد حروب أربع انهزم فيها العرب أمام إسرائيل، بعد كل هذه المواجهة وقّعت مصر، وإسرائيل، معاهدة السلام الأخيرة.
لقد واجهت معظم الدول العربية هذه الإتفاقية بالرفض، والاستنكار، من غير أن تعطى الاعتبار الكافى للدوافع، والعوامل الكثيرة، التي دفعت مصر، واقنعتها، لاتخاذ هذا الموقف الخطير الذي اتخذته.. إن موقف مصر هذا لا يمكن أن ينظر اليه بهذه البساطة، ولا ينبغى أن يقوم، ولا أن يوزن بموازين العاطفة التي عاملته بها هذه (دول الرفض)، هذه الدول التي ظلت، طيلة ثلاثين عاما، تستنكف أن تجلس مع إسرائيل في مفاوضات مباشرة، وإن كانت تقبل أن يتفاوض بالنيابة عنها الآخرون من ممثلى الأمم المتحدة، أو من المسئولين من دولتي أمريكا، والاتحاد السوفيتي..
إن اتفاقية السلام ليست في مصلحة الشيوعية الدولية ذلك بأنها إنما تمثل الخطوة الأولى في الطريق الذي سينهي، والى الأبد الإتجاه الى اتخاذ الحرب وسيلة لمعالجة القضية الفلسطينية، ذلك الاتجاه الذي يستغله الاتحاد السوفيتي لكسب صداقة العرب بما يظهره لهم من دعم سياسي، وبما يمدهم به من سلاح.. وفوق ذلك، فإن الاتحاد السوفيتي يزعجه إنهاء حالة الحرب معإسرائيل لأن ذلك إنما يعني تصفية أسباب عداوة العرب للغرب الأمر الذي، على أيسر تقدير، يحفظ توازن القوى بين السوفيت وأمريكا، هذا إن لم نقل إنه يخلّه لمصلحة أمريكا.. وهذا أمر يزعج السوفييت.. فهم يريدون بلشفة العالم.. وفى سبيل ذلك يعملون، ما وسعهم الجهد، للإخلال بميزان القوى لمصلحتهم، كما تعمل أمريكا لذلك أيضا.. ولقد تحقق للسوفيت شيىء من هذا عقب حرب 1967 التي فرضوا بعدها وصايتهم على مصر وعلى العرب.. وفى هذا الشأن جاء حديث لبرزنيف، في الاحتفال الخمسيني للثورة الشيوعية، عام 1967م حيث قال: (إن ميزان القوى في العالم قد تغيّر بصورة جذرية لصالح الطبقة العاملة)، وهو إنما يعني بالطبقة العاملة الدول الشيوعية..
لقد لعبت أمريكا الدور الأساسي في التوفيق بين مصر وإسرائيل، بل أنها قد حملت إسرائيل على التخلى، هونا ما، عن شطط موقفها الذي كادت أن تفشل بسببه مفاوضات السلام.. وهذا التحرك الأمريكي وحده كاف ليثير حفيظة الروس، ذلك بأنه قد جعلهم خارج الصورة بعد أن كانوا في الماضي القريب يمثلون دور الوصي على العرب فلا تقوم محاولات للسلام إلاّ ويكون لهم الدور المتكافئ مع دور أمريكا..
إن الشيوعية الدولية، حين تعارض اتفاقية السلام، إنما تفعل ذلك فقط من أجل مصالحها، ومن أجل استعادة نفوذها، الذي فقدته بفقدانها لثقة مصر فيها، وولاءها لها، الذي بلغ أوجه على عهد جمال عبد الناصر، ثم أخذ ينحسر حتى انتهي الى القطيعة التامة، على عهد السادات، بعد حرب 1973..
وحين تنحسر الشيوعية الدولية بفضل اتفاقية السلام فإن العرب جميعا يكسبون، إذ انهم يجدون بذلك مهلة يتفرغون اثناءها لبناء داخليتهم وفق مذهبيتهم الإسلامية، فتكون بها منجاتهم، ومنجاة الإنسانية جمعاء، ويتم بذلك الحل الجذرى للمشكلة الفلسطينية..