إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

مفارقة الإخوان المسلمين
للشريعة والدين

الإخوان المسلمون يقتلون المسلمين


أما في السودان فقد ثبت اشتراك الإخوان المسلمين في الحرب ضد نظام مايو، في أحداث الجزيرة أبا عام 1970، وفى الغزو الأجنبي عام 1976..
جاء في كتاب (المتآمرون) الذي أصدرته شركة الأيام للطباعة في يوليو 1970، حول أحداث الجزيرة أبا:
(ولعل اصدق تعبير عن هذا التحالف وهذا التنسيق ما ورد في الاعتراف القضائي للمتهم بابكر العوض عبد الله – أحد زعماء الإخوان المسلمين – بتاريخ 13/4/1970 من اتصال محمد صالح عمر به وبآخرين من اعضاء جبهة الميثاق الإسلامي بالسعودية لإقناعهم وتجهيزهم للتسلل للسودان عن طريق اثيوبيا الى الجزيرة أبا حيث نقطة تجميع اعضاء جبهة الميثاق والإخوان على حد تعبير محمد صالح عمر) ويقول (وصلنا المعسكر أنا وعبد المطلب ومحمد صالح عمر ومهدي ابراهيم وهناك تدربنا على السلاح وشرح لنا واحد أثيوبي طريقة استعمال السلاح) ويقول ايضا (ومحمد صالح عمر كان يدّرب الناس على السلاح في الجزيرة أبا. كان في واحد يجيه يقول ليه في جماعة جاهزين للتدريب ويطلع معاه، كان يدرب معاه ايضا مهدي ابراهيم. وقد جاء اعتراف المتهم الهادي يس مطابقا لهذا الاعتراف) هذا وقد ذهب ضحية هذه الحرب، بالجزيرة أبا، عشرات المسلمين، من عسكريين، ومدنيين، وقد تبين من هذه الوثائق، تعمّد جانب الإخوان المسلمين لإثارتها، وتصعيدها، بالتسليح، والتدريب.
وعن دور الإخوان المسلمين في الغزو الأجنبي في يوليو 1976 جاء في جريدة الصحافة بتاريخ 30/8/1976:
(واستمعت المحكمة لاعترافات المتهم يس الحاج عابدين موظف سابق بالإرصاد الجوي والتي القت الضوء على دور الإخوان المسلمين في المؤامرة واستعداداتهم التي سبقت التنفيذ، وقال في اعترافاته أن مجموعة من الإخوان المسلمين كانت تقيم قبل تنفيذ المؤامرة في منزل باللاماب بعد أن تم تدريبهم خارج البلاد، وأنه كان يشارك إلى جانب عدد آخر من المتآمرين في اعاشة هذه المجموعة والتي قال إنه علم بأنها جزء من الحركة العسكرية ضد النظام). كما جاء في جريدة الصحافة يوم 31 يوليو 1976: (كشفت أقوال المتهم الأول محمد نور سعد عن علاقة الإخوان المسلمين بعملية الغزو الأجنبي المندحرة اذ أن أحد قادة الإخوان المسلمين يدعى عبد العظيم عبد الله كان على اتصال بالمتهم الأول وقد استلم بواسطة أحمد سعد 300 بندقية كلاشنكوف لتسليح جماعة الإخوان الذين احتلوا دار الهاتف والمطار)!!
وجاء في جريدة الصحافة، في نفس العدد: (قال العميل محمد نور سعد في اعترافاته التي تلاها شاهد الاتهام الأول في محكمة أمن الدولة بالخرطوم بحري صباح أمس أنه كان ينوى اذاعة بيان صباح الجمعة قام بكتابته الصادق المهدي باسم الجبهة الوطنية، وقال إن البيان قد اشتمل على اعلان بقيام مجلس رئاسة يتكون من الصادق المهدي، وحسن الترابي، ورئيس الحزب الوطني الاتحادي، وممثلين بالأقاليم)!!
وعن الخسائر في الأرواح والممتلكات التي نجمت عن الغزو الأجنبي جاء في جريدة الصحافة يوم 31/7/1976:
(وتحدث الشاهد عن الخسائر التي نجمت عن الغزو المندحر موضحا ان مجموع الشهداء من الضباط تسعة والمصابين من الضباط سبعة، وان الشهداء من ضباط الصف والجنود بلغوا 73 شهيدا، والمصابين من ضباط الصف والجنود بلغوا 78 مصابا والمفقودين من قوات الشعب المسلحة بلغوا 15 مفقودا. وعرض الشاهد على المحكمة صور القتلى من المدنيين، وصورا من التخريب الذي مارسه الغزاة متحدثا عن تخريبهم للإذاعة، وكيف دمروا كل المدرعات التي كانت فيها وحرق بعض الطائرات في وادى سيدنا، والتخريب الذي حدث في دار الهاتف، واحدى عمارات التعاون بالجيش، وواجهة القيادة العامة. حتى الممتلكات الخاصة لم تسلم من تخريبهم..)
هكذا اشترك الإخوان المسلمون في قتل المسلمين من عسكريين، ومدنيين، وفى تخريب الممتلكات العامة، والخاصة، مما قدّر بعشرات الأرواح، وعشرات الملايين من الجنيهات!! مما يعد انتهاكا بشعا للحرمات في الإسلام، وذلك بمقتضى قول النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، وان يظن به ظن السوء) ...
وناهيك عن سقوط اسباب الجهاد المرحلية، بتحول اسلوب الدعوة الإسلامية، في هذا العصر، من الإكراه إلى الإسماح – مما عالجناه في كثير من كتبنا – فان تنظيم الإخوان المسلمين إنما يخرج، خروجا صريحا، على أشراط الجهاد، في الشريعة التي يدّعى العمل على تحكيمها. فالمسلم منهى، فيها، عن قتال المسلم، باسم الجهاد، نهيا قاطعا. والمسلم، هنا، كل من شهد الشهادة، حتى ولو قالها نفاقا، أو اتقاء للسيف.. روى اسامة بن زيد أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد بعثهم في سرية إلى بعض القبائل، فلما علموا بمقدمهم هربوا. قال اسامة: فأدركنا رجلا فلما غشيناه قال: لا إله الا الله، فضربناه، حتى قتلناه، فذكرته للنبي، فقال: من لك بلا إله إلاّ الله يوم القيامة!! فقلت له: إنما قالها مخافة السلاح!! قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا!! من لك بلا إله الاّ الله يوم القيامة!! فما زال يقولها حتى وددت أنى لم أسلم إلا يومئذ!!
ولقد نهى النبي الكريم عن مجّرد الإشارة الى مسلم بسلاح، سواء بالجد أو المزاح.. فعن أبى هريرة ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (لا يشر أحدكم الى أخيه بالسلاح فانه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار!!) ومع ذلك يخوض الإخوان المسلمون، بلا ورع ولا تقية، في دماء المسلمين، سفكا، وفى ممتلكاتهم، تخريبا.. وذلك باسم الجهاد، وباسم تحكيم الشريعة!! في مخالفة صريحة لأشراط الجهاد، ولأحكام الشريعة!!
وربما يتعلل الإخوان المسلمون في ذلك بالعمل لتغيير الحكم إلى الحكم الإسلامي... ولكن النبي الكريم قد نهى، نهيا قاطعا، عن قتال الحاكم (المسلم) مهما كانت مفارقته للإسلام!! فقال: (سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم ولكن من رضى وتابع ابعده الله تعالى.. قيل: أفلا نقاتلهم؟؟ قال: لا، ما صلوا!!) رواه مسلم من حديث أم سلمة (إحياء علوم الدين للغزالي – الجزء الأول، صفحة 115 طبعة دار الشعب). وهل يحق لمن يقتل المسلمين ان يتحدث عن الإسلام، أو الحكم الإسلامي؟؟ فان هذه الكبيرة، (قتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق)، لهى كافية، تماما، لتجريد تنظيم الإخوان المسلمين من كل صلة بالدعوة الإسلامية.. ان الأرواح الزكية التي أزهقها الإخوان المسلمون، وما وراءها من ثكلى، وارامل، وايتام، لسوف تبقى مسئولية فادحة على اعناقهم، قيادة، وقاعدة، أبد الدهر. واليوم!! يتبوأ الدكتور الترابي عضوية المكتب السياسي، ومنصب مساعد الأمين العام للإعلام والشئون الخارجية بالاتحاد الاشتراكي، بعد أن أدى قسم الولاء لثورة مايو، بمؤسساتها ومواثيقها!! كما يدخل أعضاء تنظيمه من الإخوان المسلمين في كافة مستويات الاتحاد الاشتراكي التنظيمية، وروافده، وفى مجلس الشعب، وفى مجالس الحكم الشعبي!! فلماذا حملوا السلاح، من قبل، في وجه هذا النظام، وقتلوا، وخرّبوا، فاستباحوا حرمات الدين؟؟ ولماذا لا يحلون تنظيمهم، الذي تبرز صورته في المؤسسات التعليمية، كالجامعة، ليدمجوه في فروع الاتحاد الاشتراكي، ووحداته الأساسية؟؟