إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

مفارقة الإخوان المسلمين
للشريعة والدين

بسم الله الرحمن الرحيم
(فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا.. فويل لهم مما كتبت أيديهم.. وويل لهم مما يكسبون..)!!
صدق الله العظيم

المقدمة


هذا الكتاب إنما هو رصد موّثق لأبرز أفكار، وممارسات تنظيم الإخوان المسلمين، التي تنم عن المفارقة الصريحة للشريعة، وللدين.. وذلك في إطار سلسلتنا من الكتب التي نخرجها عن هذا التنظيم، والتي صدر منها حتى الآن: (الدكتور حسن الترابي يخرج عن الشريعة باسم تحكيم الشريعة)، و(خلف الله الرشيد وقامة رئيس القضاء)، و(لجنة تعديل القوانين لن تفلح الاّ في خلق بلبلة)، و(هؤلاء هم الإخوان المسلمون) بأجزائه الثلاثة، و(مخطط الصادق والترابي والهندي لاحتواء نظام مايو) ... وسوف تتلوها كتب أخرى من نفس السلسلة..
إننا نستهدف من هذه السلسلة، وما يصحبها من العمل الواسع في التوعية الشعبية، في المنابر الحرة، أن يقر في أذهان المواطنين، والمسئولين، وبلا لبس، أو ريب، أن هذا التنظيم لا يمثل الإسلام في شيء، على الإطلاق!! أكثر من ذلك!! إن هذا التنظيم أكبر معوّق في سبيل عودة الإسلام!! فهو أسوأ تنظيم يستغل الدعوة الإسلامية، في الأغراض السياسية، أسوأ استغلال.. ولهذا يتورط – قيادته وقاعدته – في مفارقات، لا حصر لها، للشريعة الإسلامية التي يدّعى العمل على تحكيمها، بغير وعى، وبغير صدق.. ولقد أحدثت المصالحة الوطنية تحولا أساسيا في خطط العمل التي يعمل هذا التنظيم وفقها.. فبعد الفشل الذريع الذي منى به في سائر المواجهات الدموية التي اشترك فيها، في إطار (الجبهة الوطنية) ضد نظام مايو، وآخرها الغزو الأجنبي في 2 يوليو 1976، وجد هذا التنظيم أن المصالحة تتيح امامه فرصا واسعة لاحتواء الشعب، ولاحتواء النظام، على السواء!! ورأس الرمح في خطة الاحتواء، هذه، انما هي الدعوة الى (تحكيم الشريعة)، أو (المنهج الإسلامي)، أو (تعديل القوانين لتتناسب مع الشريعة الاسلامية)!! ولذلك فإن (خطة العمل لعام 78/1979) التي وضعها تنظيم الإخوان المسلمين لتعمل كوادره، في جميع مستوياتها، في جميع مواقعها، وفقها، ليست الاّ مخططا واسعا، لاحتواء الشعب، كأفراد، وكتنظيمات، وكأوجه نشاط، اجتماعي، وثقافي، وديني، وفنى، ورياضي... ولاحتواء النظام، كمؤسسات سياسية، ودستورية، وتنفيذية، وتشريعية... ولقد كشفنا عن (وثيقة خطة العمل لعام 78/1979)، هذه، في كتابنا (مخطط الصادق والترابي والهندي لاحتواء نظام مايو)، ونعيد طرحها، هنا، كنذير بالخطر الذي يشكله هذا التنظيم، على أمن هذه البلاد، وعلى وحدة هذه البلاد، وعلى المكتسبات التقدمية لهذه البلاد...
ويسمى تنظيم الإخوان المسلمين نفسه في هذه الوثيقة (الحركة الإسلامية)، ويسمى (دعوته) الإسلام، ويسمى خطه في العمل السياسي (الجهاد)..
ومحور هذه الوثيقة هذا التوجيه: (ضرورة العمل الفعّال في كل الساحات والمنابر لتأمين سيرها نحو الإسلام)!! فهذا التنظيم انما يريد أن يضلل قاعدته، وأن يضلل الشعب، وأن يضلل السلطة، بأنه يباشر (العمل الفعال) في سبيل (الإسلام)!! حتى لكأن دعوته إنما تعنى معنى مرادفا، تماما، للإسلام!! فهو يريد أن يحتكر الدعوة إلى الإسلام، وأن يصبغ عمله السياسي في الإحتواء بصبغة زائفة من الإسلام، وذلك حتى (يورط) الشعب، والسلطة، في تبنى اتجاهاته السياسية، عن طريق فرض الإرهاب الديني، وإثارة العاطفة الدينية، وحتى يبدو كل خصم لدعوته وكأنه إنما يخاصم الإسلام!! وهذه أنكر صور الانتهازية السياسية، على الأطلاق...
هذا!! بينما التنظيم يكاد أن يكون نقيضا تاما للإسلام، وذلك حيثما أخذته... في مجال الفكرة، أو في مجال الممارسة!! أسوأ من ذلك!! فان المرشد العام لهذا التنظيم، في السودان – الدكتور حسن الترابي – إنما هو يستهتر بالإسلام، استهتارا بشعا، وهو يقول بكل ما يعن له من الخواطر الفجة، كفتاوى دينية، من غير ان يقدم لها سندا واحدا من القرآن الكريم، أو السنة المطهرة!! وهذا مرصود في هذا الكتاب..
ونحن إذ نعيد نشر هذه الوثيقة السرية (لخطة العمل لعام 78/1979) التي يطرحها تنظيم الإخوان المسلمين، على كوادره، للعمل وفقها، ثم نرصد صورا لمفارقة هذا التنظيم للشريعة، وللدين، إنما لننبه إلى التشويه المنكر الذي يلحقه هذا التنظيم بالإسلام، وهو يستغله، هذا الاستغلال السيء الهدّام، في الأغراض السياسية – مما يعوق عودة الإسلام، بما يزهّد فيه، وينّفر عنه!! ثم لننبه إلى الأخطار الجسيمة التي يعرّض هذا التنظيم، بهذا المخطط، البلاد لها، أخطار تتهدّد وحدته، وتتهدّد أمنه، وتتهدّد سائر مكتسباته التقدمية..
تنظيم الإخوان المسلمين يريد تكوين (جبهة ميثاق إسلامي) أخرى، تخلف (الاتحاد الاشتراكي)!!، وذلك عن طريق احتوائه، من قاعدته إلى قمته، وإفراغه من محتوياته التقدمية... ويريد تعديل الدستور الراهن، شيئا فشيئا، حتى يتحول إلى ذلك (الدستور الاسلامي "المزيف") – الدستور الطائفي – الذي كانت تسعى الطائفية، قبل 25 مايو 1969، لفرضه، بالتواطؤ مع هذا التنظيم.. ويريد، هذا التنظيم، استغلال حب هذا الشعب للإسلام، ليكتله، ويستقطبه حول الدعوة الزائفة للإسلام التي يدّعيها، حتى يصل إلى السلطة، منفردا بها، أو متواطئا فيها مع الطائفية!! ولكن .... (وان الله لا يهدى كيد الخائنين)!!