إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الدستور الإسلامى؟ نعم .. ولا !!

هل في الإسلام دستور إسلامي؟ الجواب نعم .. ولا!!


ليس في الشريعة الإسلامية، التي بين أيدينا الآن دستور، لسبب واحد بسيط، هو أن الحكم الذي كان عليه سلفنا لم يكن حكما ديمقراطيا، وإنما كان حكم الفرد الرشيد، الذي جعل وصيا على قوم قصر، وفرض عليه، في مباشرة هذه الوصاية أن يستشير هؤلاء القصر ليشعرهم بكرامتهم الإنسانية وليعطيهم الفرصة في مباشرة شئونهم، حتى يتعلموا، تحت توجيهه، كيف يحسنون التصرف فيها، ليتأهلوا، لمرحلة الحكم الديمقراطي حين يبلغون سن الرشد.. ولقد جاءت آية الشورى في ذلك "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب، لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين" وهذه الآية يزعمها جميع دعاة الإسلام عندنا آية ديمقراطية أو قالوا إنها آية حكم الشورى وان الإسلام لاعلاقة له بالديمقراطية وإنما هو حكم الشورى، في مقابلة الحكم الديمقراطي .. ومع ذلك هؤلاء الدعاة يتحدثون عن الدستور، وما من دستور إلا وهو عنوان للحكم الديمقراطي، فيما عدا حالات التزييف الذي يقوم عليه الحكم المطلق، في الفاشية، وفي الشيوعية، وفي غيرهما.. وهو تزييف لا ينطلي على أحد من المفكرين.
فآية الشورى أية حكم الفرد الرشيد ، وعليها قامت الشريعة الإسلامية في حق المؤمنين ، وهي ، في هذا المستوى، ناسخة لآيتي الديمقراطية في الإسلام، وهما "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر" فإذا أردنا أن نتحدث عن الدستور الإسلامي فقد وجب أن نطور الشريعة الإسلامية، في أمر السياسة، من آية الشورى إلى هاتين الآيتين الكريمتين: وإلا فإننا نهرف بما لا نعرف..

ليس في الشريعة الإسلامية دستور وإنما الدستور في الإسلام


ولقد تحدثنا عن التمييز بين الشريعة الإسلامية، والإسلام، فليراجع في موضعه من "الرسالة الثانية من الإسلام."
ولما كانت الاشتراكية جناح المجتمع الثاني، حين تكون الديمقراطية جناحه الأول، فإنه، وبنفس القدر لا توجد في الشريعة الإسلامية اشتراكية ، ولكن الإسلام اشتراكي.. ويزيد !! ونحن نذكر هذا هنا، ونكتفي به، لأن الدستور يقوم على هذين الجناحين .. ولأننا سبق أن تحدثنا عن تطوير شريعة الزكاة ذات المقادير لتستلهم أكبر قدر ممكن من زكاة المعصوم وتحدثنا بتطويل في "الرسالة الثانية من الإسلام"
بإيجاز؟؟ لا يحق لنا أن نتحدث عن الدستور الإسلامي إذا كنا لا نرى تطوير الشريعة الإسلامية، فيما يخص السياسة، والاقتصاد .. وذلك لسبب واحد بسيط وهو انه لم يكن الحكم السلفي الذي قامت عليه الشريعة ديمقراطيا، وإنما كان حكم شورى، والشورى ليست ديمقراطية ، لان الوصي ليس ملزما باتباع رأي القصر، إذا رأى رأيا يخالفه، وما هكذا الديمقراطية، الشورى مشاورة تملك حق المخالفة..
فإذا كنا نرى تطوير الشريعة الإسلامية في السياسة والاقتصاد لننتقل من نص فرعي، إلى نص أصلي، نزل عنه، مراعاة لظروف الوقت، وطاقة الناس، فإننا بذلك نستطيع أن نتحدث عن الدستور.. راجع في تفصيل التطوير "الرسالة الثانية من الإسلام"
[B}مرة أخرى.. هل في الإسلام دستور إسلامي؟؟
الجواب نعم – ولا!! نعم، في الإسلام دستور! ولا
ليس في الشريعة الإسلامية التي بين أيدينا الأن دستور..
فيا دعاة الإسلام في هذه البلاد تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن نجلس، ونترك وراءنا حظوظ نفوسنا، فنجود فهم ديننا، ولا يصدنكم عن هذه ماترونه من غرابة فكرة الحزب الجمهوري، فلعل هذه الغرابة أن تكون مظنة الرشد، أكثر منها مظنة الغواية، ألم يقل المعصوم "بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء!! قالوا من الغرباء يا رسول الله؟ قال الذين يحيون سنتي بعد اندثارها"؟؟ وفي رواية أخرى قال عن الغرباء "فئة قليلة مهتدية في فئة كبيرة ضالة"
ومن يدري فلعلكم واجدون في دعوة الحزب الجمهوري إحياء لسنة المعصوم بعد اندثارها؟؟
ومن يدري فلعل الجمهوريين أن يكونوا الفئة القليلة المهتدية في فئة كبيرة ضالة؟؟