حقوق المرأة بَين الشريعة والدستور
ومن كل ما تقدم، يتضح أننا، نحن الجمهوريين، نعلم أن الدين، في أصوله، في الآيات المكية، يقدم للمرأة حقوقاً تبلغ مبلغ الحق الاساسي في الحرية الفردية، وأنه، بحكم مرحلة الوصاية الماضية، فقد قامت الشريعة على ما هو دون هذه الحقوق، بل قامت ناسخةً لها، بحكم أنها قامت على الوصاية، ولكن الوصاية نفسها إنما قامت لترشيد المرأة، ولتأهيلها لحريتها الفردية.. والآن، بفضل الله، ثم بفضل العلم، وتقدم الحياة عامة، قد استشرفت المرأة حقها الأساسي في الحرية الفردية، ذلك الحق الذي كفلته لها أصول الإسلام، واختطت لها الطريق العملي لبلوغه، الحقوق لقاء الواجبات: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).. ولذلك فحق المرأة في الدستور – آيات الحرية – أن تكون مسئولة عن نفسها في ظل وصاية القانون الدستوري الذي انفرد به القرآن، والذي يعين الفرد على حسن التصرف في حريته.. كما قد وظف الدين منهاجه الفردي، وهو أكمل منهاج وُظف لإعانة الفرد ليحسن التصرف في حريته الفردية.. فهذه هي حقوق المرأة في الدستور.. وبممارسة المرأة لحقها الأساسي في الحرية الفردية في ظل القانون تجيء المرأة "الإنسان" التي تحقق أوجب واجباتها "العفة" وتحقق آصل حقوقها "الحرية" التي تستأهلها بحسن التصرف فيها.. أما حقوق المرأة في الشريعة فقد قامت على الوصاية للملابسات التي ذكرناها، وقد كانت أحكم ما تكون لوقتها.. ونحن الجمهوريين، عندما ننادي بالحقوق الجديدة للمرأة، وعندما تطبقها المرأة الجمهورية، لا نجهل الشريعة، ولا نخرج عليها بدون سند، وإنما نتجاوزها لندخل في مراد الدين أكثر، وذلك تطبيقاً للدستور الإسلامي الذي أظلنا وقته.. ولذلك يجب أن تُنازع القضية في مستواها الذي نقدمها فيه.. اما أن نذكر بالشريعة المرحلية في أمر الوصاية على المرأة، فنحن نرى أن الدعوة الى الوصاية الآن دينياً خطأ، وعملياً غير ممكنة.. ولذلك فقد دعونا إلى تطوير التشريع بالانتقال من نص في القرآن إلى نص في القرآن.. دعونا للانتقال من آيات الوصاية، إلى آيات الحرية، والمسئولية..