بسم الله الرحمن الرحيم
(( و لا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه .. و قل : ربِّ زدني علماً))
صدق الله العظيم
المقدمة
هذه هي مقدمة الطبعة الثالثة من كتاب "السِّفر الأول" الذي صدرت الطبعة الأولى منه في أكتوبر عام 1945م، كما صدرت الطبعة الثانية منه، في مايو 1976 الموافق جمادي الآخرة 1396هـ ، احتفالاً بمرور ثلاثين عاماً على بداية الفكرة الجمهورية .. و نحن إذ نجعل ، في متناول القارئ الكريم، هذا السِّفر التاريخي، و هو أول كتاب يصدره الجمهوريون، فإنما نفعل ذلك لنمكنه من أن يتبين بعض السمات الرئيسية التي اتسمت بها الفكرة الجمهورية منذ بدايتها، وحتى يومنا هذا .. ونكتفي في هذا المقام بإيراد بعض هذه السمات التي أشرنا إليها:
أولاً : إن الفكرة الجمهورية قد كانت، ومنذ بدايتها، دعوة دينية تقوم على أن "الإسلام هو طريق النجاة للعالم أجمع" ..
ثانياً : لقد كان للفكر دائماً أكبر الأدوار في توجيه مسار الحركة الجمهورية.. وآية ذلك حرص الجمهوريين الشديد والدائم على التمييز الدقيق بين الوسائل و الغايات وإخضاعهم كل شئ مما يأتون ومما يدعون للفكر الحر ..
ثالثاً : إن من أبرز ما يميز الفكرة الجمهورية تماسكها الداخلي وخلوها من التناقض، وهذا ليس بمستغرب إذ أنها تستمد ما تقول به من التوحيد ـ من التحقق "بلا إله إلا الله".. ولذلك فإن جرثومة ما يقول به الجمهوريون اليوم قد كانت موجودة بصورة من الصور في سِّفرهم الأول ..
رابعاً : إن الفكرة الجمهورية قد جعلت ومنذ بدايتها، الإنسان الغاية من وراء كل سعي في الحياة فالدين للإنسان، وليس الإنسان للدين ..
خامساً : إن الفكرة الجمهورية قد كانت دائماً عميقة الإيمان بالشعب السوداني و بدوره التاريخي المرتقب.. وقد قالت عنه في هذا السِّفر: "إن الشعب السوداني يملك أكثر من غيره أسباب الرشد وأسباب الإنابة ".. هذه السمات التي ذكرناها وغيرها مما كان يمكن أن نذكره، هي ما نحب أن نلفت إليه نظر القارئ وهو يقبل على قراءة الطبعة الثالثة من أول الكتب التي صدرت عنا ـ " السِّفر الأول " .. هذا وعلى الله قصد السبيل ..