إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
بســـــــم الله الرحمـــــــــــن الرحيـــــــــــــــــــم
تنظيمات الهوس الديني
ونموذج الأخوان المسلمين
لقد ظللنا نحن الجمهوريين نحذر على مر السنين، الشعب السوداني، ومن ورائه كافة المسلمين، من خطل وخطر تنظيم الأخوان المسلمين خاصة، وحركات الهوس الديني عامة، على تعدد أسمائها وتشكيلاتها، ولكن تحذيرنا، ولله الحكمة البالغة، قد وقع على آذان صماء.
ولقد أخرجنا من أجل هذا التحذير العديد من الكتيبات، منها على سبيل المثال، ثلاثة بعنوان" هؤلاء هم الأخوان المسلمين" ورابع تحت عنوان "مفارقة الاخوان المسلمين للشريعة والدين" وبالإضافة إلى كتاب "زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان 1) الثقافة الغربية 2) الإسلام".
قلنا، يومها، في كتابنا "الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة" الذي صدرت طبعته الأولى في مايو1983، أي قبل أربعة وثلاثين عاما، ما يلي:
"وليس هناك من خطر أكبر من خطر الهوس الديني الذي يلقي بأبناء البلد الواحد في أتون القطيعة، والحرب، ثم يخلف من آثار الموجدة، والنقمة ما يصعب تجاوزه حتى مع مرور الأيام.. ولا تزال أحداث مصر، ولبنان، وإيران ماثلة، ضاغطة على الواقع بكل آثارها.. ثم إن أي تفريط في أية ظاهرة مؤدية إلى خطر الفتنة الدينية إنما يعادل، تماما، التفريط في الوحدة الوطنية، والأمن القومي للبلاد بأسرها".
أليس هذا التوصيف الدقيق هو ما يحكيه واقع الحال اليوم في السودان، وسوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، ولبنان، ومصر، وفلسطين، والصومال، ونيجيريا، وإيران، وباكستان، وافغانستان، وكازاخستان، والشيشان، حيث نمت وترعرعت تلك التنظيمات الإسلامية المتهوسة متمثلة في داعش، وبوكوحرام، والقاعدة، والنصرة، وجماعة أبو سياف في الفلبين، وجيش التحرير، وحزب التحرير، وجماعة أنصار الشريعة، وأنصار بيت المقدس، وأنصار الله، وحزب الله، إلى آخر هذه المسميات الدينية التي تحكي الدين بلا دين؟
ولقد قلنا يومها أيضاً، ونقول اليوم، أن هذه التنظيمات المتهوسة المتعددة الأسماء إنما هي مسخ، معدل تعديلا طفيفا، من تنظيم الأخوان المسلمين، ولقد خرجت، السنية منها، بصفة خاصة، من تحت عباءته بسبب الصراع على مواقع القيادة، والغنائم المادية. ولقد اتخذ بعضهم الاختلافات الطفيفة بينهم، كسبب ظاهر، ليخفي، السبب الحقيقي وراءه ألا وهو الصراع على المقاعد الأمامية لتلك التنظيمات.
وأبرز الاختلافات الظاهرة، هو الخلاف حول الإعلان عن الأهداف، كما تفعل داعش، والقاعدة، وجبهة النصرة وبوكوحرام، في مقابل الإخفاء والعمل بفقه الضرورة، والتقية، وتفعيل حديث "الحرب خدعة" كما تفعل جماعة الأخوان المسلمين في مصر والسودان وفلسطين وتركيا.
الاستعلاء الفارغ وادعاء الفضيلة
قامت حركة الأخوان المسلمين على الكذب، والتدليس، وخداع الجماهير وادعاء التدين، والتعالي الكاذب حتى لقد قال شيخهم البنا في كتاب "مجموعة رسائل حسن البنا":
"نحن أيها الناس، ولا فخر، أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، وحملة رايته من بعده، ورافعوا لوائه كما رفعوه، وناشروا لوائه كما نشروه، وحافظوا قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين (ولتعلمّن نبأه بعد حين) ... أيها الأخوان المسلمون: هذه منزلتكم، فلا تصّغروا من أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم!!"
فالأخوان المسلمون يستبطنون أن كل الناس، باستثناء عضويتهم (أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هم المشركون، وإن صلوا وإن صاموا، كما أخبرهم قديما كبير فلاسفتهم سيد قطب حيث قال: "فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وجور الأديـان ونكفت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن (لا إله إلا الله) دون أن يُـدرك مدلولها، ودون أن يعي هذا المدلول وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم ..."
ويواصل سيد قطب ليقول: "والذين يظنون انفسهم في (دين الله) لأنهم يقولون بأفواههم (نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) ويدينون لله فعلاً في شؤون الطهارة والشعائر والزواج والطلاق والميراث... بينما هم يدينون فيما وراء هذا الركن الضيق لغير الله، ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله - وكثرتها مما يخالف مخالفة صريحة شريعة الله - ثم هم يبذلون أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وأخلاقهم - أرادوا أم لم يريدوا - ليحققوا ما تطلبه منهم الأصنام الجديدة، فإذا تعارض دين أو خلق أو عرض مع مطالب هذه الأصنام، نبذت أوامر الله فيها ونفذت مطالب هذه الاصنام .. الذين يظنون أنفسهم مسلمين وفي (دين الله) وهذا حالهم.. عليهم أن يستفيقوا لما هم فيه من الشرك العظيم.. “.