إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
١. الذكرى السنوية لإعدام شهيد الفكر على يد الديكتاتور جعفر نميري في ١٩٨٥ بتهمة الردة، تمثل موسما للأحرار في كل مكان لاستذكاره وتدارس فكره وتحية وقفته الصلبة الشجاعة أمام الموت، وموسما أيضاً لأولئك الذين يربون في دواخلهم "دواعش" صغار للتجني عليه ووصمه بكل الرذائل!
٢. في بواكير صباي قرأت كتابا لأستاذي في الكيمياء في دنقلا الثانوية - وهو متأسلم - في نقد فكر محمود، بلغ درجة تكفيره!
٣. وحين قرأت كتب محمود كاملة، اكتشفت أن كل ما كتبه ذلك الأستاذ عنه هو محض تلفيق لا يمت لأفكار محمود بصلة!
٤. وهذا هو حال غالب ناقديه، ينطلقون من ثقافة الشفاهة والتلقين دون قراءة! ولا أعتقد أن واحدا منا أعلم باللغة وتفسير القرآن من بروفسير عبدالله الطيب الذي أنصفه إنصافا كاملا!
٥. كل ما يُقال عن صلاة الأصالة والرسالة الثانية، لا يمت لحقيقة فكر محمود بصلة.
٦. وأعتقد أن تلامذته مقصرون بعض الشىء في إجلاء هذه الحقائق للناس.
٧. بل كلنا مقصرون لأن هذا الأمر يمثل دفاعا أصيلا عن حق الفكر في الوجود، وحق المفكر في الحياة والحرية.
٨. إعدام الشهيد محمود محمد طه كان قضية سياسية بامتياز، شأنه شأن الحلاج، لا علاقة له بالدين، لا من قريب ولا من بعيد، وإلا لماذا انتظر نميري كل تلك السنوات ليعدمه، ولم يعدمه قبلها!
٩. القضاء السوداني يتحمل مسؤولية دم محمود منذ الستينيات، وكذا العهد الديمقراطي الذي سمح بمثل هذا الإرهاب الفكري.
١٠. وما من نص قرآني يجيز قتل حتى الخارج عن الإسلام صراحة. بل أن الرسول الكريم لم يقتل عبدالله بن أبي، ولم يجز قتله.
١١. موقع الفكرة الجمهورية موجود على الإنترنيت ولكل باحث الرجوع إليه وقراءة كل مؤلفات الأستاذ الشهيد ليتبين مدى الجناية التي ارتكبناها بحقه، مرة بإعدامه، وثانية بصمتنا الثقيل على ذلك، ومرات ومرات بتسميم أفكار الناس بمقولات كاذبة عنه وزندقته.
١٢. محمود بدمه فتح الباب واسعا أمام الفكر السوداني الحر، ووضع له قاعدة صلبة - من على مشنقته - ليزدهر، من بعد انقشاع سحابات الهوس الثقيلة هذه عن سماواتنا.
١٣. وفكرة مركزية لدى محمود حرية بأن تناقش وتفحص وتدرس هي مسألة الناسخ والمنسوخ، والقرآن المكي والمدني، فهو على غير السائد في الفقه كله، يسبح وحيدا ًومتفردا في اتجاه آخر، بأن القرآن المكي لا ينسخه المدني، بل العكس، لأن الثاني تنزّل في ظروف تأسيس دولة ًو مدافعة مع الآخر، وبالتالي تتوجب العودة للأخذ بالأول. هذه فكرة قد تختلف معها، لكنها جديرة بالتأمل.
١٤. أما الصلاة، فرجائي لكل تكفيري صغير أن يقرأ ما كتب محمود عنها. الأمر ليس كما نُقل إليك، العكس تماماً. محمود يتحدث عن نقل الصلاة من مقام الحركات الآلي الذي يؤديه معظمنا إلى مقام الروح.
١٥. وهذا لا يعني أن محمودا معصوم. الواجب دراسة فكره، ونقده، ومحاورته.
١٦. في ذكرى استشهادك: عليك رحمة الله أيها الرجل العظيم، ظلمناك حيا وميتا.
١٧. وصمت غالبية المثقفين السودانيين هذا، بعد كل هذه السنوات على قتلك، ثقيل ومخز.
١٨. واستمرار تكفيرك وزندقتك إلى اليوم أمر مؤلم يحز في النفس
١٩. رب اغفر لهم، إنهم لا يقرأوا!
لمن أراد العودة لمؤلفات الأستاذ، هذا هو موقع الفكرة الجمهورية: http://www.alfikra.org/
منقول عن الناشط الاعلامي خالد عويس عن صفحته علي فيسبوك