إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ما هكذا تورد الإبل يا سعد !! (٢-٢)

أحمد عبد الرحمن العجب


يقول سعد: "ورسول الرسالة الثانية حسب الإهداء والبشرى التي حملها محمود محمد طه هو رجل ابن امرأة من رفاعة أو من أي جهة أخرى تأكل القديد وتشرب الحليب وتجوع وتعطش وتشبع وترتوي وتنام وتصحو، أي أنه رجل من لحم ودم ولا أدري بعد أن أقيم الحد على محمود محمد طه وفارق الحياة.. هل تظل دعوى الرسالة الثانية قائمة حتى الآن !؟" انتهى..
وأنا في الرد على هذه الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء سأورد الإهداء الوارد في أول كتاب الرسالة الثانية من الإسلام:
الإهداء:
"إلى الإنسانية
بشرى وتحية..
بشرى بأن الله ادّخر لها من كمال حياة الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر..
وتحية للرجل وهو يمتخض، اليوم، في أحشائها، وقد اشتد بها الطلق، وتنفس صبح الميلاد.." انتهى..
وسعد جريا وراء السخرية من الأستاذ محمود وأمه يقول إنها تأكل القديد وتشرب الحليب وينسى قول النبي صلى الله عليه وسلم للإعرابي الذي أخذته هيبة النبي فلجلج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هون عليك فإني لست ملكا، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ".. وكل بني آدم من لحم ودم، ولعل سعد يفضل رجل الذهب على رجل اللحم والدم !! وهل سعد ليس من المنتظرين نزول ابن مريم حكما مقسطا يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم، حكما مقسطا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا" وقال أيضا: "لو لم يبق من عمر الدنيا إلا مقدار ساعة لمد الله فيه حتى يبعث رجلا من آل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا".. وقال تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا".. وقال جل من قائل: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".. فإن كان سعد بعد كل هذه البشارات، ينكر مجيء رسول فإنه محروم.. أما الرسالة الثانية فباقية لأنها هي الهدى ودين الحق الذي يظهر على الدين كله، وأما رسولها فهو المسيح المحمدي الذي سيملأ الدنيا سلاما وعدلا كما ملئت ظلما وجورا..
أما أمر سعد في المثال الذي ضربه الأستاذ محمود في اختيار الزوج لزوجته فهو عجب!!
قال الأستاذ في صفحتي 129 ، 130 من المصدر السابق:
"والأصل في الإسلام ديمومة العلاقة الزوجية بين الزوجين، ذلك بأن زوجتـك إنما هي صنو نفسك.. هي انبثاق نفسك عنك خارجك.. هي جماع آيـات الآفاق لك في مقابلة نفسك، على فحوى آية ((سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق)) ولكنا لا نملك النور الذي به نختار في الزواج نصفنا الآخر، اختيارا صحيحا.. مثلنا في ذلك يقرب منه مثل الأعمى الذي يجلس وبين يديه ((خوابير)) بعضها مربع، وبعضها مستطيل، وبعضها مثلث، وبعضها مبـروم، وبعضها نصف دائرة، وبعضها قطاعات دائرة على أحجام مختلفة، وأمامه سطح عليه ((أخرام)) يناسب كل منها ((خابورا)) من (( الخوابير)) التي بين يديه، فهو يحاول أن يضع ((الخابور)) المناسب في ((الخرم)) المناسب، فيتفق له ذلك حينا، ويعييـه أحيانا، بل قد يعجـز عجـزا تاما عن التوفيـق التام بين ((الخابور)) و ((الخرم)).. وفي الحق، إن هذا المثل لا ينطبق تمام الانطباق على حالة اختيارنا الزوجة، بل إن الأعمى، في هذا المثل، أقرب إلى التوفيق، والتسديد، من أحدنا وهو يمارس تجربة الاختيار هذه.. فإذا أخطأ أحدنا فوضع ((خابورا)) نصف دائري في ((خرم)) مربع ، مثلا ، فإنه يحتاج الى فرصة ثانية ليعيد التجربة من جديد، وإنما شرع الطلاق ليعطينا هذه الفرصة الثانية .".. انتهى..
فأي خدش للحياء في هذا المثال الواضح المحدد!!؟؟
ولكن لقلة حياء سعد، ولفحشه، هو الذي خدش الحياء عندما قال: "فالرجل يحمل خابورا ويبحث عن خرم يناسب هذا الخابور.. ويظل يدور ويبحث ويجرب ويفتش حتى يعثر على الخرم الذي يوافق خابوره!!" انتهى..
أي سذاجة وأي بله يخيمان على عقل هذا الرجل!! وأي بذاءة وسوء خلق حظي بهما!؟
وليس صحيحا قول سعد: "إن الجهاد لم يفرض لحمل الناس بالقوة لإتباع الأنبياء والرسل.." انتهى.. وحتى الآية التي أوردها سعد تؤكد أن الجهاد فرض لحمل الناس لإتباع الأنبياء والرسل وهي قوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" وقال النبي صلى الله عليه وسلم موضحا هدف الجهاد: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإن فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وأمرهم إلى الله"..
ويبدو لي أن سعدا هذا لديه مشكلة في معرفة الأصل من الفرع، فالأصل هو مراد الله بالأصالة والفرع هو مراده بالحوالة.. فديمومة العلاقة الزوجية أصل، والطلاق فرع لأنه كما قال النبي: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".. والجهاد الأكبر- جهاد النفس- أصل، والجهاد الأصغر فرع وهو جهاد السيف، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند رجوعه من الغزوات: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر".. وآية الزكاة الصغرى فرع تدلى من آية الزكاة الكبرى لطاقة الناس، والأولى هي قوله تعالى: ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم، والله بكل شيء عليم)) وعلى هذه قامت زكاة المؤمنين مراعاة لضعفهم ولتدريجهم.. والثانية هي قوله تعالى: ((يسألونك ماذا ينفقون قل العفو)).. وقد فسر النبي العفو قولا وعملا بأنه ما زاد عن الحاجة الحاضرة، وعلى هذه الآية قامت زكاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يكن يدخر رزق اليوم لغد..
أما قول سعد عن الشيطان والجمهوري الذي أخبره به، فهو كذب محض مثل كذبه على الأستاذ محمود حين نقل عنه أنه قال: "أنا ابن امرأة من رفاعة أو أي جهة" وإلا فليحدد لنا سعد اسم هذا الجمهوري، ومتى نقل له هذه الفرية.. وليس غريبا على سعد وأمثاله افتراء الكذب على الأستاذ محمود والجمهوريين لأنهم لا يرون فيه بأسا، ويبررونه لأنفسهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الحرب خدعة" كما فعل سلفهم من كفار قريش، حين حكى عنهم القرآن: ((وقالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون))..
ويحتج سعد بآية: ((وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)) والإشارة هنا لأمة المؤمنين حيث لم يكن مسلم يومئذ غير النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمر الله المؤمنين بالارتقاء إلى أمة المسلمين فقال: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))..
أحمد عبد الرحمن العجب
0122255897