إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
المتفاخر بشهادة (كل) الأحكام الحدية!! يدلى بدلوه فى مرفوع الهامة، مستقبل الموت بالابتسامة: الأستاذ محمود محمد طه
بثينة تروس
٢٠ فبراير ٢٠١٣
بسم الله الرحمن الرحيم
((إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم: ما يكون لنا أن نتكلم بهـذا، سبحانك، هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا، إن كنتم مؤمنين)) صدق الله العظيم
بجريدة الإنتباهة الصادرة بتاريخ الأحد 17فبراير 2013 كتب المدعو أحمد طه محمود مقالا بعنوان (شاهد على ردة محمود محمد طه).. وجاء فى تصديره لهذا المقال: (بما أنني كنت ممن سجل حضوراً في تلك الفترة حيث شهدت ملابسات الحكم على محمود محمد طه؛ وشهدت كل الأحكام الحدية؛ حد السرقة، والقطع من خلاف وحد الحرابة وحد الردة؛ فإنني أستأذن القراء الكرام في تسجيل شهادتي على تلك الفترة.).. إنتهى الشاهد..
لقد استوقفني هذا الاستهلال والذى يبطن مفاخرة بفترة سوداء من تاريخ السودان مازالت البلاد ترزح تحت ظلامها.. في الوقت الذي يحاول شرفاء بلادي (دسه على هون فى التراب)، نجد أن الكاتب يتفاخر بالشماته فى إعدام الأستاذ محمود محمد طه والذى عجز أن يرى فيه حتى مجرد شيخ فى السبعين من عمره، ناهيك عن أن مابذله الأستاذ محمود محمد طه خلال الفترة (1945 – 1985) في سبيل توعيه أبناء هذا البلد بالدين الصحيح والتحذير من خطورة الهوس الدينى والمتاجرة باسم الدين، ما لاينكره الا من كان ببصيرته عمى، وقلبه أجوف ولايفقه ما يسمع ولا يعقل الا ما يصوره له خيال يتقاصر عن فحولة الرجال الفكرية...
شهد (شاهد عصره) اصدار الأحكام الحدية (كلها)!! كما ذكرنا، متباهيا جزلا (حد السرقة، والقطع من خلاف وحد الحرابة وحد الردة) إنتهى.. وليته اكمل شهادته التاريخية هذه، وأخبرنا، في من من ابناء السودان أقامت (محاكم العدالة الناجزة)، تلك الأحكام الحدية بزعمه؟؟؟؟ أم انه تناسى أنها لم تمت للعدالة ولا للدين بصلة، بل كانت مفارقة لكليهما، أقيمت فى المستضعفين، المعوزين من أبناء هذا الشعب الطيب.. جلد فيها للأسف الشباب شيوخهم، وتجسس فيها الجارعلى جاره واتهم فيها العاطل المحصنات من بنات جيرته وعشيرته من أجل أرضاء السلطان! فحاقت فيهم النذارة النبوية بتركهم للمفسدين من بطانتهم من الأحساب والمنتسبين لمشروع (الأحكام الإسلامية)، قال النبى صلى الله عليه وسلم: (انما هلك من كان قبلكم انه اذا سرق فيهم القوي تركوه، واذا سرق فيهم الضعيف أقامو عليه الحد، والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) .. لقد أقيمت محاكم (العدالة الناجزة) لتنفيذ أحكام (قوانين سبتمبر83) والتى يسميها الكاتب وامثاله (بالشريعة الإسلامية)، والإسلام والشريعة منها براء.. وتم تعيين قضاة غير نزيهين، يتباهى بهم الكاتب أمثال المهلاوي والمكاشفي، وغيرهم من الذين تفاجاء الشعب السوداني - المحب للدين بطبعه وفطرته - بهذا النبت الغريب بين ابنائه، وظل يتسائل حتى تاريخ اليوم (من اين أتى هؤلاء)؟؟ وقال فيهم الأستاذ محمود (قولة حق فى وجه سلطان جائر)، سارت بها الركبان:
(أنا أعلنت رأيي مرارا، في قوانين سبتمبر 1983م، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك، فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه .. يضاف إلي ذلك أنها وضعت، واستغلت، لإرهاب الشعب، وسوقه إلي الاستكانة، عن طريق إذلاله .. ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير ..
و أما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنيا، وضعفوا أخلاقيا، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين).. انتهى
والملاحظ ان كاتب المقال، نصب نفسه ايضا شاهدا سياسيا لتلك الحقبة التاريخية.. ثم هو شاهد حتى على كيف لقى الاستاذ محمود ربه!! وراح يرغي ويزبد بترهات لاتخرج الا من نفس كالحه لايعرف لها صاحبها لجام من الورع فيشكمها، وأمثال هؤلاء مصابون بداء الهوس الديني العضال.. فما فرح في ذلك اليوم الا الأخوان المسلمين والوهابية .. أقرأ لشاهد اخر شهد الحدث، وكتب عنه مبرأ من الغرض، فقد كتب الاستاذ بكري الصائغ: (
(أ)
قبيل تنفيذ حكم الاعدام بنحو ساعتين، كانت الساحة بسجن (كوبر) قد اكتظت بالحضور الشديد، وكان اغلبهم من الاسلاميين (جماعة انصار السنة، الاخوان المسلميين، وطلاب اسلاميين)، بل وحتي دراويش (حمد النيل) جاءوا باباريقهم وسبح اللالبوب واللباس الاخضر المبرقع..
***- كبار الزوار من أهل السلطة واصحاب المناصب الدستورية، احتلوا مقاعدهم الوثيرة بالصفوف الامامية، وكانت ظاهرة علي وجوههم علامات الكسوف الشديد وشحوب الوان سحناتهم، وفارقت البسمات تمامآ شفاههم اليابسة، كانوا يتبادلون التحايا بعضهم البعض في خجل شديد، فقد عرفوا بانهم قد تورطوا وان يكونوا شهود عيان علي جريمة قتل في روح لم تغترف اي جرمآ،
(ب)
اكثر الناس سعادة في هذه اللحظة بسجن (كوبر) كانوا الاسلامييون التابعون للترابي وجماعة (انصار السنة المحمدية)، فعندهم هذا اليوم عظيمآ، وسيحققون فيه انتصارآ كبيرآ، كانوا يقولون (لو تخلي محمودآ عن افكاره فهي انتصارآ للإسلام... ولو اعدم فقد تخلصنا منه خلت لنا الساحة من بعده).. انتهى
الشاهد أن الأستاذ محمود من ضمن ما ربانا عليه أن نسامح الذين سخروا أنفسهم للأساءة الينا، وان نخلص لهم الدعاء بالشفاء وان نسأل الله لهم أن يعافوا من الأذى.. عندما توفى الى رحمة مولاه الشيخ الأمين داؤود وبه من العداوة ما يتقاصر عن شأوها عداوة هذا الكاتب - حديث العهد بالتعرض للفكرة الجمهورية وصاحبها!! - فما كان من أستاذي الا وان قال عندما بلغه خبر وفاته: (إننا نعرف الرجل وتاريخه، ولكنه اليوم هو أحوج ما يكون الينا، فلنقرأ الاخلاص باخلاص على روحه احدى عشرة مرة).. وما كان من جميع تلاميذه وتلميذاته الا أن جهروا بالإخلاص، محاولين الإخلاص، على مرارة الأذى وعظمته فى نفوسهم .. وهي لعمري، قولة رجل في المقامات الدينية محقق.. ويكفى شهادة الكاتب نفسه فى ابتسامة الأستاذ محمود محمد طه فى وجه جلاديه على قرار (وشهد شاهد من أهلها) حين كتب: (ما أن أُزيح البرقع عن وجهه نظر محمود إلى هؤلاء الجمهرة من الناس التي ملأت الساحة دوياً تكبر الله سبحانه وتعالى حتى بدرت منه ابتسامة أقرب منها إلى التكشيرة).. أنتهى، ولايهم ان صور حقد نفسه تلك الأبتسامة المشهودة (بتكشيرة)!! فإنها طفح إنائه، أبانت ما انطوت عليه دخيلته.. وهكذا يتحدث الرجال فيعرفوا.. بفلاح نفوس او بطلاحها..وكيف لأمثال هذا الكاتب أن يعى ويدرك انه لا يواجه جلاديه بالثبات ويبتسم فى وجه الموت والمشانق الا الأحرار الذين هم على يقين بوعد الله الحق الذى لايخلف الميعاد..
(أي المشارق لم نغازل شمسها
... ونميط عن زيف الغموض خمارها
أي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها) على عبدالقيوم..
وعندما انتهى الكاتب من شهادته التاريخية، لم تطب له نفسه الا أن يسدي النصيحه كواجب (ديني) قائلا: ( بعد تلك المشاهد أوصي أولئك الذين يدعون أن محمود قد اغتيل سياسياً بتقوى الله فإنه خير ما وصى به المسلم المسلم أنه يحضه على الآخرة وأن يأمر بتقوى الله؛ ولا أفضل من ذلك ذكراً ولا أفضل من ذلك نصيحة) إنتهى.. ..
و كأنما شعر (شاهد عصره) أن كل ماكتب فى حق الأستاذ محمود لم يشف غله وأنه لن يزايل مكانه الا بعد أن يتعرض لأعراض تلميذاته وبناته الجمهوريات، و ماعلم الكاتب أنه يبيع فى بضاعة كاسدة، لذوي النفوس المريضة.. فهى تجارة وجدت حظها بين أمثاله من أصحاب الغرض، فقد وجدت في السابق مناخا مهيئا فى ظل قوانين سبتمبر 83 ومحاكم العدالة الناجزة، بريادة (الفقهاء ورجال الدين)... وكان أغلبية ضحاياها من نساء السودان المستضعفات، تعقبتهن السلطات بالتهم والجلد والسجون ومحاربة أرزاقهن والتجسس حتى على أحلامهن.. ثم جائت دولة (المشروع الحضاري)، امتدادا لسابقتها بنفس الوجوه الكالحه والعقول المهووسة والأفئدة الصدئة من المشرعين والعلماء بزعمهم وطلاب السلطة وكلاب أمنها ومنتسبي دولة التمكين، فأهانت حرائر النساء، جلدا واغتصابا وتحرشا.. وأهانت المرأة السودانية وأذلتها بصورة لم يسبق لها فى التاريخ السوداني مثيل واستضعفوا الرجال بذلة نسائهم .. ونحن الأخوات الجمهوريات جزء لا يتجزأ من هذا النسيج الإجتماعى، فالذى أصاب أخواتنا وبناتنا، قد ألفناه منهم منذ أن خرجنا للدعوة والتوعية والمواجهه فى فضح زيفهم وتعرية باطلهم..
وهاهو (شاهد عصره الفريد)، يرفع بصوته عاليا بالسؤال لمن هم أصح وأطيب منه نفوسا وأصدق منه نوايا، ومن لايقبلون منه شهادة أو وصايا فى تاريخ بلد، هو من العظمة كالسودان وأهله الطيبيين وماهو الا متسلق على جدار حكومة مهترئة، متهالكه، لابد سوف تتسلط عليه وعلى صحائف جريدته التى يكتب عليها، شمس الحرية فتحرقهما معا من جذورهما، قائلا: (وأسأل أولئك المدافعين عن محمود محمد طه كم من الفتيات اللاتي انتهكن أعراضهن بجنيه سوداني واحد «بقاعدة الخابور والصامولة» مع ترديد خطبة النكاح التي يقول العريس فيها «أنا انبثاق نفسك عنك خارجها والله شهيد بيننا» وتقول العروس مثل ذلك؛ وهنا يلزمك أن تضع ألف خط أحمر تحت اسم الجلالة حيث إن اسم الجلالة عندهم يعني «ذلك المرتد» والعياذ بالله).. أنتهى
دعنى أقول لك ياهذا قولا بليغا في نفسك، فلقد أوصى الأستاذ محمود تلاميذه عندما تطاول على أعراضنا من لم يخف الله فى نفسه من رصفائك قائلا: (نحن عرض الأخوات المسلمات عندنا زي عرض الجمهوريات).. إنتهى حديث الأستاذ محمود.. وهذه هى تربية الأستاذ لتلاميذه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه..) الا انها الخصومة الفاجرة التي لا يرضاها دين ولا خلق..
أما مابدر منك من حديث أفك وخوض فى أعراض الجمهوريين فحسابه عند الله.. قال تعالى: ((إن الذين يرمون المحصنات، الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم، وأيديهم، وأرجلهم، بما كانوا يعملون)) صدق الله العظيم..
الشاهد لقد أعيتنى الحيلة والفهم فى أمر (شاهد عصره الفريد)!! ماباله وانتهاك أعراضنا من خلال تشويه مشروع خطوة نحو الزواج فى الإسلام!! الحقيقة لا أجد له مبررا من غضبته على مهرنا (الجنيه)!! الا أن يكون (شاهد عصره) جاهلا حتى بأمور دينه؟؟ وسيد الرسل اجمعين عليه افضل الصلاة والتسليم يقول: (أقلهن مهورا أكثرهن بركة)..وقد زوج النبى صلى الله عليه وسلم ببعض آيات من القرآن، وزوج بلا مهـر، على الإطلاق.. أما نحن الأخوات الجمهوريات تلميذات الأستاذ محمود، فقد تزوجنا بجنيه سودانى واحد على كتاب الله وسنة رسوله، واستبدلنا مهرنا المادي بمقابل كرامتنا، اذ نحن شركاء لأزواجنا فى علاقة متكافئه، متساويين فى الحقوق والواجبات، قال تعالى: ((لهن مثل الذي عليهن بالمعروف.. وللرجال عليهن درجة).. ومن الشريعة الإسلامية السمحاء كانت العصمة لنا حقا كما هى حق لأزواجنا.. ومن ثم نفوض فى أمر طلاقنا ولا يتم تطليقنا بواسطة البريد او غيابيا أو نُطلب فى بيوت الطاعة، كما يحدث فى الغالب بين المسلمين اليوم ومن دون سبب شرعي مقبول يحفظ للمرأة كرامتها وعزتها.. وجاء فى الحديث النبوى: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)).. ولايعدد علينا الرجل بزواجات أخرى جريا وراء شهواته، ومن دون حق.. إذ ان الأصل فى الدين واحدة، أى الزوجة الواحدة للرجل الواحد.. وفى محكم تنزيله يقول تعالى: ((فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)) ويقول أيضا: ((ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)).. هكذا تزوجنا على أيدى الأستاذ محمود وعلى هدى ديننا الحنيف.. وراح الكاتب بكل سذاجه وابتذال رخيص واصفا كيفية عقد زواج الجمهوريين ((مع ترديد خطبة النكاح التي يقول العريس فيها «أنا انبثاق نفسك عنك خارجها والله شهيد بيننا» وتقول العروس مثل ذلك؛ وهنا يلزمك أن تضع ألف خط أحمر تحت اسم الجلالة حيث إن اسم الجلالة عندهم يعني «ذلك المرتد» والعياذ بالله)) موحيا للقراء أنه نقل هذه الصيغه من كتابات أو ممارسات الجمهوريين، وهذا كذب صراح.. أدعو القراء الكرام الذين لم يسلموا من أذى الكاتب فى الهبوط بقيمة الكلم وأمانة الكتابة وساقط القول، الرجوع لموقع الفكرة الجمهورية واستعراض كتابي (خطوة نحو الزواج فى الإسلام) و(تطوير شريعة الأحوال الشخصية) للأستاذ محمود محمد طه حتى يتبينوا بأنفسهم كذب هذا الدعي، ورد في الحديث: (لا يزال المرء يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا..) وكيف أن صحيفة الإنتباهة والكاتب أحمد طه محمود قد وضعا أنفسهم فى موضع مسائلة قانونية أمامنا.. ودينية أمام الله..