إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

سبر غور الباحث د. محمد وقيع الله!!

عيسى إبراهيم


٧ فبراير ٢٠١٣

كتب د. محمد وقيع الله تسع حلقات في صحيفة الانتباهة وسمها بـ "هل كان نميري معجباً بمحمود محمد طه؟" في الفترة من 23 يناير 2013 إلى الثاني من فبراير 2013، لم يخرج فيها من سياق من سبقوه في معارضة الفكرة الجمهورية بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؛ وذلك من خلال نقلٍ مخلٍ، أو فهم قاصرٍ، أو تشويه مقصودٍ، او تخريجٍ مؤوفٍ بروح القطيع، أو اتباعٍ لسابقين غير دقيق وبلا تمحيصٍ، أو قصور شخصي في الوصول للمعلومة الصحيحة!..
وادعى وقيع الله في مقاله الأول (23 يناير) أنه يعرض تراث الفرق الضالة (ومن ضمنها - حسب رأيه - تراث الفكرة الجمهورية) عرضاً نقدياً منصفاً، وذلك كما يقول "حتى لا ينخدع بظهورها مجدداً بعض من لم تتح لهم فرص الوصول إلى كتاباتها الأصلية"، ويقول أيضاً: "وفيما يلي نتولى التعريف بالفرقة الجمهورية السودانية تعريفاً نقدياً، استندنا فيه إلى أكثر من سبع وعشرين كتاباً، وكتيباً، من الكتابات الأصلية لتلك الفرقة"! هذا بعض ما قاله وقيع الله والذي نحن بصدد تقويمه حسب معياره الذي قدمه..

دفع أول (مصادر المعلومات – موقع الفكرة الجمهورية)!
(نلحظ لأول وهلة أن الدكتور محمد وقيع الله لم يشر إلى أي مرجع من كتب الأستاذ محمود أو الفكرة الجمهورية أو كتيباتها استند إليه في هذا المقال الأول بالتاريخ المشار إليه في مقاله الذي نحن بصدده الآن !!..)

أول دفعٍ نقدمه من جانبنا في وجه دعاوى وقيع الله، ان تراث الفكرة الجمهورية يكاد يكون بجميعه مثبت على موقع الفكرة الجمهورية الأثيري (alfikra.org)، ومبذول لمن يشاء متى يشاء وبلا مقابل مادي، وكما تقول إذاعة الـ (BBC) (بتصرف): "فقط على المتصل أن يتحمل تكلفة اتصاله عن طريق النت"، ويشتمل الموقع على كتب الأستاذ محمود محمد طه التي تفوق الثلاثين كتاباً وكماً هائلاً من كتيبات الجمهوريين وماتزال إدارة الموقع مشكورة تدفع كل ما استطاعت بكتيبات الجمهوريين إلى الموقع لمزيد من التوثيق، اضافة إلى محاضرات الأستاذ محمود محمد طه ولقاءاته المسجلة، وكتابات كثير من الجمهوريين وأصدقاء الجمهوريين، بله وكتابات بعض المعارضين ومن ضمنهم "وقيع الله"، فانظر عزيزي القارىء إلى هذا الكرم الفياض الذي يشمل حتى المعارضين بلا خوفٍ ولا وجل، فهل يمكن لثقة كهذه أن تقابل ببعض ترهات القول الملقى على عواهنه؟!..

الخطأ الأول الذي يطعن في كفاءة الباحث!



(كلمة الباحث تشير إلى حرف "الدال" السابق لاسم د. محمد وقيع الله، وحسب العرف الأكاديمي درجة الدكتوراة تعني تاهيل حاملها كباحث في مجال تخصصه وتصبغه بصفة الباحث المؤهل لممارسة البحث)

يقول وقيع الله: "نشأت الفرقة الجمهورية كحزب سياسي، اسمه الحزب الجمهوري الإشتراكي" وهذا خطأ قاتل، فالحزب الجمهوري الذي يرأسه الأستاذ محمود محمد طه هو "الحزب الجمهوري"، و"الحزب الجمهوري الاشتراكي" حزب آخر ليست له صلة بحزب الأستاذ محمود محمد طه!!، يقول أحمد خير المحامي في كتابه كفاح جيل: تاريخ حركة الخريجين وتطورها في السودان، الدار السودانية للكتب، الخرطوم، 2002م، ص 95، 96. "ولما وضحت معالم الخلاف واشتد وطيسه بين الاتحاديين والانفصاليين، نشأ الحزب الجمهوري، وهو حزب ينادي باستقلال السودان من مصر وانجلترا على السواء، وقيام جمهورية سودانية" أنظر أيضاً في ذلك "محمد سعيد القدَّال، تاريخ السودان الحديث 1820م-1955م، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أم درمان، ط2، 2002م، ص 494، 495.." و "التجاني عامر صحيفة الصحافة 16/ 4/1975" ..

ثاني الأخطاء
(نسب محمود)!



يقول وقيع الله عن نسب الأستاذ محمود محمد طه: "ويذكر الأستاذ محمد عمر باشري (هكذا ورد الاسم عند وقيع الله في مقاله الأول بالانتباهة والصحيح محجوب عمر باشري..وهو ما يقدح في دقة الباحث)، أن الجد الأعلى لمحمود هو الشيخ الهميم المعروف في تاريخ التصوف في السودان. «محمد عمر باشري (محجوب عمر باشري كما نوهنا قبل قليل)، دار الفكر، الخرطوم،1981م، ص369»"، وهذا غير صحيح إذ اعتمد الباحث على مصدر واحد حتى يربط فقط بين الأستاذ محمود وشطح الشيخ الهميم كما سماه، ولأن ذلك ارضى هواه، إذ كان على الباحث ان يعدد مصادره أو يلجأ إلى الموقع المعتمد لدى الجمهوريين موقع الفكرة، كما ورد تصحيح لباشري من الدكتور عبد الله الفكي البشير في صحيفة سيارة هي صحيفة الأحداث حيث قال: " أيضاً، أورد البروفسير عون أن الأستاذ محمود ينتسب إلى الشيخ محمد الهميم (وكذلك عند باشري)، وهذا غير صحيح. والصحيح كما ورد في موقع الفكرة الجمهورية، وهو موقع يشرف عليه تلاميذ الأستاذ محمود وهم أقرب الناس إليه، سمعوا منه ونقلوا عنه، جاء في موقع الفكرة الجمهورية على الإنترنت: (وُلد الاستاذ محمود محمد طه في مدينة رفاعة بوسط السودان في العام 1909م تقريباً، لوالد تعود جذوره الى شمال السودان ، وأم من رفاعة، حيث يعود نسبه الى قبيلة الركابية من فرع الركابية البليلاب نسبة الى الشيخ المتصوف حسن ود بليل... توفيت والدته – فاطمة بنت محمود - وهو لماّ يزل في بواكير طفولته وذلك في العام 1915م تقريباً، فعاش الاستاذ محمود وأخوته الثلاثة تحت رعاية والدهم، وعملوا معه بالزراعة، في قرية الهجيليج بالقرب من رفاعة، غير أن والده لمّا يلبث أن التحق بوالدته في العام 1920م تقريباً، فانتقل الاستاذ محمود وإخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة). (الفكرة الجمهورية: لمحات من فكر وحياة الأستاذ محمود محمد طه، موقع الفكرة الجمهورية The Republican Thought، الصفحة الرئيسية، "مولده ونشأته"، استرجاع (Retrieved) يوم 12 أبريل 2010م، الموقع على الإنترنت: http://www.alfikra.org)." أنظر أيضاً: "صحيفة الأحداث الخميس 30 ديسمبر 2010 الأستاذ محمود محمد طه والمثقفون الحلقة (19)"..

ثالث أخطاء الباحث
(اطلاع محمود)!



يقول وقيع الله عن الأستاذ محمود: " وفي خلال ذلك وبعده واصل محمود إطلاعه العلمي واغترف كثيراً من تراث الفلاسفة الغربيين، ورجال التصوف الإشراقي" من أين لك ذلك يا د. وقيع الله؟!..ألست باحثاً مفترضاً فيه جدية البحث والصبر عليه والوصول إلى المعلومة الصحيحة لنزاهة البحث وانصاف الخصم، أين مراجعك يا وقيع؟!، فإن لم تأت فها نحن نزودك بالمعلومة من مصادرها الأمينة: في ديسمبر من عام 1972م كانت إليزابيث هودجكنز، طالبة الدكتوراة بقسم التاريخ بجامعة الخرطوم، وقتئذٍ، قد أدارت حواراً مطولاً مع الأستاذ محمود، ونشر الحوار بصحيفة الصحافة آنئذٍ. "وقفت إليزابيث في حوارها مع الأستاذ محمود، من بين ما وقفت عليه، عند الذين تأثر بهم الأستاذ محمود وعند قراءاته، وذلك من خلال سؤالين، تقول في الأول: "نعود الآن إلي شخصك.. من هم المفكرون الذين تأثرت بهم في تطوير أفكارك؟" . والسؤال الثاني: "هل قرأت لمفكرين إسلاميين؟" . فأجاب الأستاذ محمود قائلاً: "في الحقيقة لا يوجد مفكرون بالمعنى الذي كان لهم أثر علي حياتي. ولكن هناك أصحاب مناهج هم الذين تأثرت بهم وهم النبي .. والغزالي .. فلقد اتبعت المنهاج وقرأت شيئاً قليلاً .. شذرات من هنا وهناك ولهذا لا أقول بتلمذتي على مفكر معين" . وعن قراءاته أجاب الأستاذ محمود قائلاً: "لم أقرأ لمفكرين إسلاميين طبعا ولكن قرأت قليلاً لماركس ولينين وبرتراند راسل وشو وهج وولز .. والموضوع الذي جئت به لم يأت به السابقون حتى ولا ابن عربي فهو جديد كل الجدة" انظر في ذلك: "محجوب كرار، "محمود محمد طه في حوار صوفي مع مسز هود جكنز"، (حوار)، صحيفة الصحافة، السبت 16/12/1972م" ..

خطأ رابع قاتل
(الخفاض)!



لم يجد د. محمد وقيع الله في كفاح الأستاذ محمود ضد المستعمر، الذي سماه نوعياً، إلا قضية وحيدة سماها الوقيع "طريفة ومشهورة" وهي في نظره قضية الخفاض، التي أضاف لها من عنده، بغير أمانة ولا ورع قوله: "وهو نوع من الختان المنهك" ليوهم القارىء والمتابع المتسرع ان قانون الخفاض الذي أصدره الانجليز في (ديسمبر 1945) يفرق في منعه بين خفاض منهك وخفاض غير منهك!!..وهو ما لا نجده في القانون المشار إليه..
يوحي كلام وقيع الله الذي كتبه عن الأستاذ محمود ان الأستاذ كان معارضاً للخفاض من حيث هو، قال وقيع الله: "وبسبب نشراته المعارضة للخفاض" من ضمن قوله "كان محمود في الصف المعارض لمنع الخفاض. وبسبب نشراته المعارضة للخفاض، أرسل إليه مدير الشرطة البريطاني يطلبه" يقصد الأستاذ محمود، وهو امر غير دقيق، فالأستاذ محمود كان معارضاً لاستعمال القانون في محاربة عادة متأصلة في النفوس، وكان معارضاً لتوقيت اصدار القانون في التاريخ المحدد للتنصل من اعطاء السودانيين حق تقرير المصير من قبل الانجليز والموعود به من الحلفاء بحجة اظهار السودانيين بالهمجية والتخلف وأنهم مازالوا يحتاجون للمستعمر للاقلاع عن هذه العادات المستهجنة الأمر الذي انطلى على الكثيرين من قادة الرأي آنذاك والآن ولم ينطلِ على الأستاذ محمود حيث تصدى له، وكان ولا يزال الأستاذ محمود مع التوعية والتربية لايقاف العادة وليس مع القانون أو عن طريقه..
وكون الأستاذ محمود والجمهوريين ضد الخفاض أمر لا يحتاج إلى دليل أكثر من ما ورد في البيان الأول الذي أصدروه يقول المرحوم طه اسماعيل أبوقرجة: " ومن المهم أن اذكر هنا أن الجمهوريين قد نبهوا منذ أول بيان لهم ضد قانون محاربة الخفاض، في ديسمبر 1945، إلى أنهم لا يدافعون عن عادة الخفاض، وإنما يعارضون المرامي السياسية من وراء القانون، كما يعارضون طريقة محاربة عادة الخفاض بالقانون. فقد جاء في البيان الأول ضد القانون ما يلي:- (لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني، ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم إلى يومنا هذا. ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة، وأساليب خاصة، وسنن خاصة، سنتها حكومة السودان، أو قل ابتدعتها ابتداعاً، وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها إرغاما).." انظر "مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (3 من 3) ثورة رفاعة غيرت وسائل الحركة السياسية وقصَّرت أجل الاستعمار طه إسماعيل أبو قرجة 29 ديسمبر 2002" موقع الفكرة - المقالات..

خامس الأخطاء
(تطفيف وعدم دقة)!



يقول وقيع الله: "وفي يوم السبت ذهب لمقابلة المدير الذي أبرز له المنشور الذي أصدره ووقع عليه باسمه، فأقره محمود وناقش محتوياته مع المدير الذي أحاله أخيراً إلى القاضي البريطاني الذي أرسل محموداً إلى السجن ليقضي فيه عاماً، وذلك لأنه رفض التوقيع على تعهد بحسن السير والسلوك، والإقلاع عن الانغماس في العمل السياسي. وصمد محمود للحكم الظالم، ولكن أطلق سراحه بعد خمسين يوماً من اعتقاله، بموجب عفو شامل أصدره الحاكم العام البريطاني آنذاك" فهل حقاً اطلق سراح الأستاذ محمود بموجب "عفو شامل أصدره الحاكم العام البريطاني آنذاك"؟!..
الحقيقة غير ذلك يقول الأستاذ محمود عن أسباب اطلاق سراحه لمندوبي معهد الدراسات الأسيوية والأفريقية، جامعة الخرطوم، حين التقوه: " فى الزنزانة أنا بصوم ما يسمى بالصيام الصمدى عند الصوفية.. الحركة الوطنية بتاعتنا نحن الجمهوريين فى خارج السجن كانت بتشوشر شوشرة كبيرة وترفع المسألة دى وأنه محمود لسوء المعاملة فى السجن مضرب عن الطعام فحصلت قلاقل شديدة جدا ليهم .. قاموا فكروا فى أنو الموضوع دا ما بنتهى كدة ومافى فايدة فيه وبرضو المديرين بتاعين السجن ذكروا لمدير عام السجون أنو الحكاية البيعملها محمود دى راح تثير بعض المساجين للمعارضة (لم يكن يقوم لضباط السجن - حسب تقاليد السجون - أو مدير عام السجون عند مرورهم به) لأنو هو متمرد ونحن كل البنعملو ليهو بنوديهو الزنزانة ودا بزيد عطف الجماعة المساجين فى الدرجة التانية عليه فأحسن يكون فى إفراج عنه .. بعد الخمسين يوم كان فى اقتراح للحاكم العام أن يفرج عنى كعمل رحمة .. وجاء فعلا الجواب بأن يفرج عنى بعد الخمسين يوم كتدخل من الحاكم العام رحمة منه ." انظر في ذلك: " لقاء الأستاذ محمود محمود محمد طه بمندوبي معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية منزل الأستاذ محمود بالمهدية - الحارة الأولى - 22 نوفمبر 1975"..

الخطأ السادس
(خارج النص: التحول والأثر)



محمد وقيع الله هو مؤلف كتاب "التجديد..الرأي والرأي الآخر" الذي صدرت طبعته الأولى في العام 1989 وخصصه للدفاع عن أفكار وآراء د. الترابي التجديدية، يقول وقيع الله: "حرصت على إيراد نصوص الدكتور الترابي من أصولها، ولم أعتمد على الأقاويل والشائعات" (التجديد..الطبعة الأولى - صفحة 12)..
في هذا الكتاب أورد وقيع الله تجديد الترابي المعتمد على التفريق بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية، والذي اعتمد عليه د. الترابي في ابراز آرائه التجديدية، والذي استبعد مستنداً عليها، الحديث النبوي الصحيح سنداً ومتناً من مجال العمل به!!..
اليوم يقف وقيع الله في المعسكر المناوىء للترابي، لقد قلب وقيع الله ظهر المجن للترابي، وتحول مئه وثمانين درجة عن الموقف السابق المؤيد والمآزر للترابي، بعد طول صحبة وقناعة بما يقول الترابي، إلى الموقف المعادي!!..
نحن الان لسنا بصدد تخطئة د. وقيع الله في ما ارتآه من الخروج على الترابي، فذلك حقه، نحن فقط بصدد سؤال منطقي، وسؤالنا يتلخص في أن ما دفع الترابي إلى الاتجاه نحو التجديد هو كما يقول: "إن القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم (الكلام على لسان الترابي) إنما هي قضايا سياسية شرعية عامة، أكثر منها قضايا خاصة والذي عُطِّل من الدين – في رأي الترابي – أكثره يتصل بالقضايا العامة والواجبات الكفائية، أما قضايا العبادات الشعائرية والأحوال الشخصية، فالفقه فيها كثير والذي يحفظه المسلمون في هذه القضايا متوفر بصورة كبيرة ومتداول بينهم، يقول الترابي: "أما قضايا (الحكم ) والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلاً فهي معطلة لديهم ومغفول عنها، وإلى مثل تلك المشكلات ينبغي أن يتجه همنا الأكبر في تصور الأصول الفقهية واستنباط الأحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والأساليب المحرجة".. (المصدر: كتاب النبي المصطفى المعصوم بين دعاوى التجديد ودواعي التطوير – مخطوط - صفحة 39 – عيسى إبراهيم، أنظر أيضاً: عبد الحليم عويس – دكتور – الفقه الاسلامي بين التطور والثبات – كتاب الشرق الأوسط – الشركة السعودية للأبحاث والتسويق – الطبعة الأولى 1989م.صفحة 116.)..
الأمر في نظرنا ينقسم إلى جزءين جزء يتعلق بالدافع للاجتهاد وجزء يتعلق بالنتيجة التي خلص إليها الترابي وفق اجتهاده، فاذا عذرنا وقيع الله في تبني نتيجة اجتهاد د. الترابي، هل يمكننا أن نعذره في الدافع إلى الاجتهاد لاستنباط حلول مناسبة للمشكل المجابه للترابي ولوقيع الله ولا يزال؟!..أم أن وقيع الله تخلى عن كليهما الدافع والنتيجة؟!..فإن كان ذلك كذلك فهل هو الآن (وهو أستاذ علوم سياسية كما يقول) مع الشورى أم مع الديمقراطية؟!.

سابع الأخطاء
(خارج النص: اختبار الصدقية والشجاعة)



حينما رُشح د. محمد وقيع الله لنيل جائزة سعودية (جائزة الامير نايف العالمية للسنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة في دورتها الثانية)، آثر - حين قدم سيرته الذاتية – أن يحذف مؤلفه "التجديد..الرأي والرأي الآخر" من ضمن مؤلفاته، وهو أمر يقدح في صدقيته وشجاعته، إذ كان من الأولى أن يذكره ضمن جهده ويذكر تغير موقفه عن ما ورد في المؤلف من تأييد لآراء الترابي وتحسين لها، ولكنه آثر الهروب عبر الأبواب الخلفية من تحمل نتيجة عمله خوفاً على ذهب المعز الذاهب!!..

مسك الختام



حتى لا تنطبق على د. وقيع الله مقولة "أكلت حنظلة وخافت من بتيخة" نقول له بجد: قدم د. الترابي تجديده بثمن باهظ التكلفة، إذ تمثل الثمن في القول بعدم العصمة النبوية في الأمور غير التشريعية - حسب اعتقاده، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه ليتجاوز الترابي الأحاديث النبوية الصحيحة متناً وسنداً بحجة أنها وردت في أمور غير تشريعية ومنها حديث الذباب المعروف والوارد في صحيح البخاري، وقدَّم الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الاسلامي وهو (باختصار أرجو ألا يكون مخلاً) الانتقال من نص فرعي في القرآن خدم غرضه حتى استنفده إلى نص أصلي في القرآن مدخر لحياة الناس اليوم، والرسالة الثانية من الاسلام هي ببساطة (السنة) تكليف النبي (صلى الله عليه وسلم) على قدر طاقته ووسعه، في مقابل (الشريعة) تكليف الأمة على قدر طاقتها ووسعها ومقدرتها، وهنا تأتي الحكمة وراء النسخ إذ أنه ارجاء وليس الغاءً، ارجاء يتوقت الوقت ويتحين الحين!!..