إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
تسآءل بعض المتابعين، عن هجوم الاخوان المسلمين على الفكرة الجمهورية، في هذا الوقت، بعد ان صمتوا عنها ردحاً من الزمن، خاصة وان الفكرة لم تعد بعد لنشاطها العام، وإن الاحتفال بذكرى استشهاد الأستاذ محمود محمد طه، لم يتوقف منذ عام 1986م. وكان يبتدره دائماً نفر من كرام المثقفين، ويشارك معهم، أحياناً، بعض الجمهوريين بكتابة مقال أو مقالين في الصحف وبحضور ندوة الذكرى.. وبعد قيام مراكز الاستنارة، أحتفل مركز عبد الكريم ميرغني، ومكتبة البشير الريح، ومركز الخاتم عدلان، وصحيفة أجراس الحرية بالذكرى.. وقدموا عددًا من الندوات العامة، في تلك المناسبة، على مدى سنوات. ثم لما نشأ مركز الاستاذ محمود، تولى هذا النشاط، وقام بتكثيفه، ومع ذلك لم نر صحف الاخوان المسلمين، توظف من يكتب لها ضد الفكرة، كما فعلت "الانتباهة"، الآن، مع د. محمد وقيع الله، أو "الرأي العام" مع أمية يوسف، الذي كتب خواطر ومذكرات لعبد الجبار المبارك - رحمه الله - وسماها مكاتبات عبد الجبار لمحمود محمد طه، حتى يوهم القراء ان عبد الجبار قدم نقداً مكتوباً، ولم يرد عليه الجمهوريين.. مع ان ذلك لم يحدث، والذي حدث ان عبد الجبار حضر وناقش الاستاذ محمود، وهُزم في ذلك الحوار، ثم كتب بعد ذلك، أنه رأى شيطاناً قرب الاستاذ، ولذلك عجز عن مناظرته!!
مأزق الاخوان المسلمين:
والحق ان الاخوان المسلمين في مأزق حقيقي، فقد انكشف عنهم الغطاء، وبانت سوأة نظامهم، ولم تعد شعارات الإسلام كافية لتغطي عريهم الفكري والاخلاقي.. فاشتهروا بالفساد، ونهب أموال الشعب، ثم انقسموا حول حطام الدنيا، وكادوا لبعضهم، وسجنوا مرشدهم، ولم يتركوا رذيلة إلا ارتكبوها، حتى اتفق الشعب على إزالة نظامهم الذي قسم الوطن، وباع أرضه، وشتت شعبه بين النزوح واللجوء، وقتل ابناءه في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق.. وحين جاءت وثيقة "الفجر الجديد"، فزع النظام، وظن ان حملة السلاح والتنظيمات المسالمة قد اتفقوا ضده، وأنهم سيزحفون إليه في الخرطوم، ما دام لا يأبه لمن يموت في أصقاع السودان البعيدة.. ولقد وجه الإعلام لاتهام معارضيه بالعمالة والخيانة، وجند أئمة المساجد المأجوريين ليكفروا خصومه، ولكنه لم يستطع ان يستغل الشعارات الدينية بفعالية، كما حدث من قبل بعد أن سقط عنه رداء الدين.. ولقد كان بعض الجمهوريين، يشاركون بكتابة مقالات في نقد الاخوان المسلمين، ليس من منطلق مخالفتهم للفكرة الجمهورية، ولكن بسبب ما فعلوا بالشعب السوداني.. ويبدو ان تلك المقالات قد ازعجتهم أكثر من غيرها، ففكروا في النيل من شخص الأستاذ محمود، لأنه يمثل النقيض الذي كلما استحضر الناس قيمه، ظهرت لهم مفارقة الاخوان المسلمين، وبعدهم عما رفعوا من شعارات الدين.. لقد درجوا على رفع شعارات الإسلام ومفارقتها، بينما درج الأستاذ محمود على معيشتها دون ضوضاء.. وزعموا أنهم سيعيدون عهد الصحابة، ثم نهبوا السوق، وبنوا العمارات الشاهقة، وجمعوا الثروات، وخاضوا إليها دماء الابرياء، بينما عاش الاستاذ محمود كأحد أهل الصفة في القرن العشرين!! ولقد إدعوا الإيمان بمبادئ فكرتهم، وأدعوا الجهاد من أجلها ليفوزوا بالنصر أو الشهادة ، ولكنهم من فرط الخوف، سلموا بعض اخوانهم للمخابرات الأمريكية، وارادوا ان يسلموا أسامة بن لادن نفسه!! ولقد تولوا قبل يوم الزحف، وحين نظروا هالهم ثبات الأستاذ محمود حتى النهاية على مبدئه.
قلب الحقائق:
إنهم يعلمون كل ذلك، ويودون ان تكون الفكرة الجمهورية باطلة، وان يكون هنالك اي تفسير آخر لقيم الاستاذ محمود وتلاميذه، حتى لا يعجب بها الشعب، فيتأثر بكتابتهم ضد الاخوان، وضد حكومتهم.. إنها مهمة صعبة، وتحتاج الى شخص عاطل تماماً من أي فضيلة، ولا يتورع من أسوأ الكذب، وافجر التدليس، حتى يحاول قلب القيم العليا، لترى وكأنها حدثت بسبب أشياء أخرى، تنفر الناس من صاحب القيم.. ألم يذكر د. محمد وقيع الله في هذه المقالات، ان الأستاذ محمود عاش في حي متواضع، وقال (يتبنى هذا الرجل منهج البساطة الكاملة في المسكن والعيش، ثم يدعي العلو الكامل ويتشبه بالله والعياذ بالله)؟! وهل احتاج فرعون أن يترك قصره ويعيش في حي متواضع حتى يقول "أنا ربكم الأعلى"؟! ومن أين أتى وقيع الله بهذه الفرية؟! إنه ينسبها لآخرين، وما دام قد نقلها لنا، فهو إذاً صدقهم!! ومن أين أتى الآخرون - إن كان هنالك آخرين - بهذا الزعم؟! يخبرنا هذا الباحث، الدكتور، الذي يفترض ان يتبع مناهج البحث العلمي، أنهم وجدوا لوحات معلقة في بيت الاستاذ محمود، بها آيات قرانية يرد فيها اسم الجلالة، فاستنتجوا (منطقياً) أن الاستاذ محمود، يقصد انه هو الله، ولهذا علق آيات بها اسم الله!! هل رأى الناس بلادة حس، وموت شعور كهذا؟! تكفر شخص، وتتهمة بأن يدعي الالوهية، لمجرد ظن لا اساس له، ثم تلقي بهذه التهمة العظيمة، وكأنك تلقي نكتة؟! فما ظن وقيع الله واصحابه الوهميون، الذين ادعاهم ليخفي بهم بلاهة حجته، إذا أخبرناهم بأن الاستاذ محمود لم يشتر هذه اللوحات، ولم يوجه بكتابتها، ولم يختر آياتها، وإنما قدمت له هدية، من رجل فنان يدعى (دهشة)، هو الذي قام بخطها وعليها توقيعه.. وحتى دهشة نفسه، لم يختر الآيات، وإنما ذكر أنه رآها في منزل، لعله منزل الشيخ قريب الله.
وبالرغم من غفلة صاحب "الإنتباهة" وسذاجته، ربما كان يعلم أن وقيع الله رجل جاهل، وأن مثله لن يستطيع نقد الفكرة الجمهورية، بصورة تفحم اتباعها أو اصدقائها.. وذلك لأنه ربما قرأ مساجلات اخرى لوقيع الله، مع بعض اعضاء المؤتمر الشعبي، وحزب الأمة، وبان فيها ضعفه وخواره.. ولكن الطيب مصطفى، أكثر تورطاً من بقية الاخوان المسلمين في الفساد، لأنه أوثق قربى من الاسرة الحاكمة، وبينما هو في غرقه حين طال النقد شركاته، ومصالح الأسرة، لم يجد أمامه غير "قشة" وقيع الله فتعلق بها!! وربما وجهت قيادة الاخوان المسلمين السياسية، بالهجوم على الجمهوريين، حتى ينشغلوا بالدفاع عن فكرتهم، وينشغل القراء خاصة الشباب منهم بهذه المساجلات، عما يجري من بيع للوطن، بواسطة المؤتمر الوطني.. وليتهم حين قرروا نقد الفكرة الجمهورية، وجدوا شخصاً عاقلاً، قرأ للفكرة، وصاحب حوارتها بين منتصف السبعينات، ومنتصف الثمانينات، حتى لا يكرر لنا، ما رددنا عليه مئات المرات، من صلاة الاصالة، والإنسان يكون الله والانسان زوج الله، وادعاء ان الاحاديث موضوعة، وهي كلها شبهات اثارها الاخوان المسلمين في جامعة الخرطوم، في تلك الفترة ، ولم يحضر وقيع الله ذلك، لأنه كان حينها في الجامعة الإسلامية، يسعى لأن يكون عالماً من (علماء) السودان.. لو لا أنه تنكر لتاريخه، وسافر ليكمل تعليمه على ايدي (الكفار)، ثم يهنأ بالعيش معهم في أمريكا، بينما اخوانه يهتفون في شوارع الخرطوم (أمريكا روسيا قد دنا عذابها علي ان لاقيتها ضرابها)!! ثم حين عاد للتواصل مع السودان، بدأ يشيد بنظام الإنقاذ، الذي جاء عن طريق الانقلاب العسكري، ويعتبره النظام الإسلامي المرتجى.. ثم أخذ يتزلف للنظام بمهاجمة د. الترابي الذي كان شيخه ومرشده، والذي كتب فيه كتاباً يمتدحه ويهاجم خصومه، ويدافع فيه عن فتاويه المفارقة. وحين انقلب على الترابي رد عليه اعضاء المؤتمر الشعبي مما سنعرض له لاحقاً.. ولكن المهم هنا، هو ان تملق وقيع الله لحكومة المؤتمر الوطني، لم يكن كافياً ليمنحه منصباً، مثل بقية المتملقين، فهل تكفي مقالاته التسعة ضد الجمهوريين، لتعطيه ولو وظيفة ملحق في سفارة؟! ربما ساعده خال الرئيس في ذلك ولم يكن نصيبه فقط حق (الإجارة) على هذه المقالات المتهافتة.
تآكل قلبه الحقد:
لقد أدان كافة المثقفين السودانيين، إغتيال الأستاذ محمود محمد طه، ولم يستثن من ذلك إلا قلة من الاخوان المسلمين.. وعبر الشعب السوداني العظيم، عن سخطه على ذلك الحدث المشؤوم، بالاطاحة بالنظام بانتفاضة شعبية رائدة، بعد حوالي سبعين يوماً من تنفيذ الجريمة التي ابطلها وادانها القضاء السوداني، ممثلاً في المحكمة العليا في عام 1986م. ولكن وقيع الله يظهر الفرح والتأييد لهذه الفعلة النكراء، وكأنها كانت تطبيق لحكم إسلامي، قام به أحد الخلفاء الراشدين!! اسمعه يقول (ألقت بالجمهوريين حماقاتهم في السجن المايوي، الذي قضوا فيه نحو عام، ثم أُطلق سراحهم في عفو جزئي، شمل بعض السياسيين المعارضين... ولكنهم ما إن تنفسوا الصعداء، حتى عبأوا أنفسهم من جديد للتصدي لحملة إنفاذ الشريعة الإسلامية التي أعلن تطبيقها في الوقت الذي كانوا مغيبين فيه في السجن، فسيروا مواكب حاشدة من الرجال والنساء ظلت تطوف لأكثر من أسبوع كامل، توزع المنشورات التي تتهم الشريعة: «قد هددت وحدة البلاد وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب وذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب»، وتتهم قضاة الشرع بعدم الكفاءة العلمية، وبالضعف الأخلاقي، وأن تطبيق الشريعة سيجر على الشعب فترة ظلامية خانقة شبيهة بحياة العصور الوسطى... وأخيراً وقعوا في شرور عواقب أعمالهم، حيث اعتُقلوا وقُدِّموا للمحاكمة، وحكم بالإعدام على زعيم الحزب، أربعة من أتباعه وبينما أمهل الأتباع شهراً حتى يراجعوا أنفسهم، نفذ الحكم في اليوم التالي في الزعيم أمام الجماهير وبحضور القضاة، ورئيس القضاة وحملت جثته على متن طائرة لتدفن في مكان غير معروف)(الإنتباهة 2/2).
ولو لم يكن وقيع الله مليئاً بالحقد والضغينة، ومجافياً للحياد والصدق، لأدان اعتقال مواطنين لمدة عام دون ان تقدم لهم أي تهمة، لأن الإسلام لا يقبل أن يحبس شخص بغير جريرة، كما ان قوانين حقوق الإنسان ترفض الاعتقال دون تهمة.. ولكن وقيع الله يقول فيما اوردناه أعلاه، ان سبب اعتقال الجمهوريين حماقتهم!! ولو كانت الحماقة سبباً كافياً للاعتقال، لقضى وقيع الله عمره كله بين القضبان.. وذلك لأنه شهد بنفسه على حماقته، فقال (وأنا سريع الاحتدام والاصطدام مع الشخص الذي يختلف معي في الفكر والرأي.. لذلك أحب ان اعمل دائماً على انفراد كامل حتى في مجال عملي المهني وهو التدريس)!! (الصحافة 19/10/2006م). ولقد علقت على مقالة وقيع الله هذه، في ذلك الوقت، بقولي: (أليست هذه حماقة، شهد بها وقيع الله على نفسه دون موجب؟! ألم يسمع بالقول "ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"؟! وما ذنب هؤلاء الطلاب، الذين تقتضي دراستهم ان يعملوا في شكل مجموعات، وفرق ويفرض عليهم المنهج العلمي نفسه ان يختلفوا مع بعضهم ومع أستاذهم؟! ما ذنبهم ان يكون أستاذهم من الضيق، بحيث يصادمهم، ان هم اختلفوا معه في الرأي؟!)(المصدر السابق).
الدفاع عن قوانين سبتمبر:
يقول وقيع الله (عبأوا أنفسهم من جديد للتصدي لحملة إنفاذ الشريعة الإسلامية التي أعلن تطبيقها في الوقت الذي كانوا مغيبين فيه في السجن، فسيروا مواكب حاشدة من الرجال والنساء ظلت تطوف لأكثر من أسبوع كامل، توزع المنشورات التي تتهم الشريعة). ولكن الجمهوريين لم يتصدوا لتطبيق الشريعة، وإنما تصدوا لتطبيق قوانين سبتمبر 1983 ، وهي قوانين جائرة شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه.. ثم انهم لم يخرجوا موكباً يطوف لمدة أسبوع كامل كما ذكر وقيع الله كذباً، وإنما مسيرة، صامتة، اتجهت إلى المحكمة، ولم يوزعوا منشوراً يتهم الشريعة، وإنما يهاجم قوانين سبتمبر التي شوهتها، وخالفت احكامها، حيث قطعت أيادي المواطنين بعد ان اعلنت المجاعة، وتلقت الاعانات من دول (الكفر) وقبلتها!! ولم يرد نقد للقضاة في المنشور، الذي وزع، بأنهم غير مؤهلين فنياً، وضعفوا اخلاقياً، وإنما جاء ذلك في كلمة الأستاذ في المحكمة.. ولقد وضح انطباق تلك العبارات على الواقع، من حيثيات المحكمة العليا، التي ابطلت الحكم، فقد جاء فيه (ولعلنا لا نكون في حاجة للاستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم، فقد تجاوز كل قيم العدالة، سواء ما كان منها موروثاً او متعارفاً عليه، أو ما حرصت قوانين الاجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، أو انطوى عليه دستور 1973م الملغي رغم ما يحيط به من جدل، ففي المقام الأول أخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت إليه من ان المادة 3 من قانون اصول الاحكام لسنة 1983م كانت تبيح لها - أو لأي محكمة اخرى - توجيه تهمة الردّة)(الاخوان الجمهوريون "1986م" حيثيات المحكمة العليا في قضية الاستاذ محمود محمد طه انتصار للحق ودحض للحكم المهزلة ص 11). وما كان للحكم ان يتجاوز كل قيم العدالة، وكافة اجراءاتها، لو لم يكن القضاة غير مؤهلين فنياً، وضعاف اخلاقياً. ولم يرد في المنشور أن (تطبيق الشريعة سيجر على الشعب فترة ظلامية خانقة شبيهة بحياة العصور الوسطى) كما ذكر وقيع الله، لأن الذي كان يجري لم يكن تطبيقاً للشريعة الإسلامية.. فلماذا كل هذا الكذب والفجور في الخصومة؟! ومع ذلك هل من يكتب منشوراً يوزعه، ينتقد فيه الحاكم وقوانينه، يحكم عليه في الإسلام بالقتل؟! وهل إذا حكم في ظل الشريعة الإسلامية على شخص بالقتل، لا يسلم جثمانه لذويه، وتحمله طائرة لجهة غير معروفة، أم ان هذه مفارقات لنهج الشريعة واخلاق الإسلام؟! لماذا لم ينتقد وقيع الله كل هذه المفارقات؟!
إن وقيع الله أحد رجلين، إما أنه رجل جاهل باحكام الشريعة، وبتاريخ الإسلام، ولهذا ظن ان قوانين سبتمبر، التي طبقها نميري -رحمه الله- والتي قطعت يد المختلس من المال العام، وقطعت يد السارق في عهد المجاعة، وامرت بتسور البيوت للقبض على شاربي الخمر، هي الشريعة الإسلامية.. أو انه يعلم بحكم دراسته في الجامعة الإسلامية، بأن قوانين سبتمبر لم تكن الشريعة، ولكنه كتم هذا، وشهد زوراً انها الشريعة، حتى يحقق غرضه، وهو إدانة الجمهوريين، وتصوير خروجهم على الحاكم الجائر، وهو أفضل الجهاد، وكأنه مفارقة دينية، بسبب اعتراضهم على القوانين، التي زعم أنها الشريعة.
تحري الكذب:
لقد سبق لوقيع الله، ان تعرض للفكرة الجمهورية، في مقالات نشرت في صحيفة "رأي الشعب" التابعة للمؤتمر الشعبي، قبل هجومه على الترابي، واشادته بخصمه "المؤتمر الوطني".. ولقد حاولت الحصول على كل الحلقات للرد عليه فلم احصل عليها، ثم جاءت مقابلة الصحفي صلاح شعيب مع وقيع الله، فهاجم الفكرة الجمهورية، بإثارة مزاعم لا علاقة لها بالفكرة، ولا مصادرها، وحين طالبته بالأدلة، لم يهتم، واخذ يكرر ما قال من قبل، وكان تعقيبي (فهل مجرد قول وقيع الله، بأن الاستاذ قد انكر دعائم الاسلام، يعتبر حيثيات يمكن ان يطلقها في الهواء، ثم يقرر على اساسها، بأن الاستاذ محمود معادٍ للاسلام؟! أم ان هذه الدعاوى تحتاج الى اثبات من كتب الاستاذ محمود ، لتصبح بعد ذلك، حيثيات تناقش، فتقبل او ترفض، على اساس الفهم؟!)(الصحافة 26/11/2006م). أما هذه المرة فقد ذكر وقيع الله (وفيما يلي نتولى التعريف بالفرقة الجمهورية السودانية تعريفاً نقدياً، استندنا فيه إلى أكثر من سبع وعشرين كتاباً، وكتيباً، من الكتابات الأصلية لتلك الفرقة)(الإنتباهة 23/1/2013م). وهذه كذبة بلقاء، إذ لم يعتمد وقيع الله على كتب الفكرة الجمهورية، بل ذكر اقوال لا اساس لها، اثارها في فترات مختلفة، بعض السذج من معارضي الجمهوريين، ويمكن لأي عاقل ان يرفضها بمجرد الحس العام.. وزاد على هذا الكذب الصراح، إنه يورد بعض النصوص من الكتب، ثم يدخل في قلب النص عبارة من عنده، يدخلها في اقواس النص، ثم يكتب ارجع الى كتاب كذا!! ولئن إلتقى هوى الطيب مصطفى، ووقيع الله، على بغض الجمهوريين، والخوف على المؤتمر الوطني من نقدهم، فجعل ذلك صاحب "الانتباهة"، يقبل هذا التلفيق، وينشره دون تحقق، فإن القراء سيرجعون الى المصادر، ويكتشفون كذبه.. بينما نتخذ مقالات وقيع الله فرصة، لشرح التفاصيل التي شوهها، والتي يحتاج إليها الشباب الذين يثورون اليوم على الاخوان المسلمين، ولا يجدون بديلاً من الدين لفهمهم السلفي المتخلف.