إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
أثناء كتابة هذا المقال وردني خبر أن السلطات الأمنية تمنع أقامة الذكرى السنوية للأستاذ محمود محمد طه بمركزه بالثورة الحارة الأولى ، وأن رجال الأمن اغلقوا الدار على من هم بالداخل ومنعوا المشاركين من الدخول ....وهكذا هم خفافيش الظلام يخشون حملة المصابيح من رسل التنوير أحياء ..وأمواتا .....
الأستاذ يمشي بين الناس
جمعت بينهما قصة حب جميلة سرعان ما تعمقت لتصل حد مناقشة تفاصيل مستقبل هذا الحب ،هو على درجة من الثقافة والتعليم وهاجر الى الغرب منذ سنوات طوال ،وهي كذلك أضف عليه أيمانها العميق بالاستاذ محمود محمد طه واعجابها اللا محدود بشخصيته وبفكره التجديدي الذي يتماشى مع العقل والمنطق ،وهو ما اخبرت به فتاها ذات ونسة عادية ...بعدها أختفى ولم يعد أغلق تلفونه ،وكل وسائل الاتصال العصري المباشر واكتفى برسالة مقتضبة على ايميلها يخبرها أنه ذهل وفجع عندما علم أنها من اتباع ذلك الهالك الكافر محمود محمد طه وبما انها تؤمن فهي من اتباعه وبالتالي هي كافرة وخارجة عن الدين حسب تكفير بعض العلماء في السودان والازهر والمجمع العلمي في مكة وأنه يخشى الله ورسوله ولا يرتبط بأمرأة كافرة تتبع رجل كافر ..وتركها ومضى وهي في قمة الدهشة والاستياء وعدم التصديق.
..
هذه القصة لحقيقية والتي امسكت عن ذكر كثير من التفاصيل المحزنة فيها مراعاة لكثير من الاشياء ؛حدثت الآن في هذا الزمن وفي طبقة تعتبر صفوية في تعليمها وثقافتها وماكنت لاذكرها لولا حزني أن رجلا بقامة الأستاذ محمود طه نشد الخلاص للانسان والوطن ونشد تنقية الدين من الطفيلية والانتهازية التي شوهت سمو مقاصده وتجلي اهدافه التي تنشد الكمال االانساني يكون جزائه الرمي بالكفر والضلال ،ممن يفترض فيهم وعيا وسلوكا وعقلا يجعلهم يتفهمون على الاقل معنى أن الخلاف في أي رأي أو رؤية لا يعطيك حق أهدار
الحياة ولا حتى القيام بدور الحاكم الجلاد ضد الآخر الذي يخالفك الرأي دعك عن أن هذا الآخر حمل فكره كل الاشراق والاستبصار لكل مواطن سوداني
وفي ذكرى استشهاد الاستاذ محمود برمزيته الموغلة في الغيرية والفداء والشجاعة والاستبسال من أجل فكر مستير يضئ بنوره قلب وعقل كل من عرفه واستوعبه وهضمه أدعو لأن يتحول الاحتفال لمواصلة طريق الوعي والاصلاح الاجتماعي والثقافي والانساني المرتبط بالتنوير والتجديد الديني والذي قابلته الانتهازية الدينية المستبدة المتمثلة في سلطة الرئيس الاسبق نميري بكل فسادها وأجرامها باعدامه خوفا من هذا النور الذي كان سيحيل حياة كثير من البسطاء مهضومي الحقوق باسم الدين الى طاقة ايجابية في محاربة ذاك الاستبداد باسم الدين ايضا،لذلك نأمل أن يتحرر كل المؤمنين والمحبين لفكر الاستاذ محمود من حالة التكلس هذه وينزلوا الى الاسواق والشوارع لينشروا ويبشروا بفكر ه التجديدي التنويري باسم الدين ،فما أحوج البائع في دكانه والذي يؤدي صلواته الخمس في المسجد ويطفف في الكيل والميزان لأن يعرف ويعي أن صدقه في الميزان وتعامله مع زبائنه بدون غش أو استهبال لا يقل اهمية عن صلواته الخمس بل أن هذا هو المقصود من صلاته وصيامه وزكاتهه، وما أحوجنا لطالب عبقري ومتفوق يفهم أن تحرر عقله واكتشافه أو اختراعه لاي نظرية علمية تطور الحياة وتقدمها يجعل منه مسلما عصريا بدلا من اغلاق عقله في تاريخ اسلامي لا يمكن أن نعيش على ايقاعه في هذا الزمن ووقوع عقله ذاته ضحية لتعصب وهوس أهوج نتيجة لعدم تقبله لحقائق تطور الحياة والدين معا وبدلا من ترك ذلك الفراغ بين المثقف والعوام ليملاءه تجار الدين وانتهازيه بالرسائل الساذجة التي تظهر الدين على شاكلة المستبد الشرير الذي يكفر هذا ويهدر دم ذاك لأنهم يتقوتون من ذلك الجهل ومن تلك السطحية في تناول العوام للدين ...
رجاء دعوا الاستاذ يمشي بين الناس بقيادة حملة شعبية تصحيحية أو تعريفية بأفكار الاستاذ محمود محمد طه وتبسيطها حتى توافق لغتهم وعقلهم ،فما احوج مجتمعنا بشوارعه ومدارسه وجامعاته وجوامعه لفكره الاصلاحي الاجتماعي الثقافي الديني