في عام 1968م أهدى الأستاذ محمود محمد طه (1909م-1985م) كتابه: زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1. الثقافة الغربية 2. الإسلام، إلى الشعب السوداني، قائلاً: (إلى الشعب السوداني: الذي لا تنقصه الأصالة، وإنما تنقصه المعلومات الوافية.. وقد تضافرت شتى العوامل لتحجبه عنها).
(هذا نذير من النذر الأولى
يا جماعة الأشقاء ويا جماعة الأمة –أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية –أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة– أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة، أيها المرددون النغمة المشئومة –نغمة الطائفية البغيضة– إنكم لتوقرون أمتكم وقراً يؤودها..
يا هؤلاء، وهؤلاء، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء إلى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام.. أنتم تريدون إبقاء المصريين، وأنتم تريدون إبقاء الانجليز، فإذا اجتمعت كلمتكم فإنما تجتمع على إبقاء المصريين والانجليز معا ..
يا هؤلاء، وهؤلاء، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء.. أنتم تريدون السلامة، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون.. أنتم تستغلون سيدا لا يعرف ما تريدون، وأنتم يستغلكم سيد يعرف ما يريد، والبلاد بينكم أنتم، وأنتم، على شفا مهواة ومهانة.. فليلطف الله ببلاد لا يخدم نهضتها إلا صغار الموظفين، أو كبار الموظفين، وليتدارك الله دينا باسمه يحيا أناس في برد العيش، وقرار النعمة، ورخاء الدعة، وباسمه هم لأبنائه يكيدون..
يا هؤلاء، وهؤلاء :إن الله لواحد، وأن الدين لواحد، وأن الوطن لواحد، ففيم تنقسمون على هذا النحو المزري. يا هؤلاء، وهؤلاء: كونوا ليوثا غضابا، أو فكونوا قردة خاسئين، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهوانا..
ياهؤلاء، وهؤلاء – لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم .. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء، لاتحسبن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب، كلا !! فلتشهدن يوما تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن، يوما يرجف كل قلب، ويرعد كل فريصة .. أما بعد: فهذا نذير بين يدى صاخة، تمزق مسامع من أصمّه الطمع).