إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تعقيب على الطيب مصطفى: عندما يتطاول الأقزام!! (٢-٣)

د. عمر القراي


تعقيب على الطيب مصطفى: عندما يتطاول الأقزام!! (2-3)


د. عمر القراي


ولو كان للطيب مصطفى، أو قادته من الإسلاميين، أي دور في النضال الوطني ضد الاستعمار، لما وصفنا جهله بدور الاستاذ محمود بالتطاول، ولكن الرجل نكرة، حتى داخل تنظيم الإتجاه الإسلامي، وليس له قبل (الإنقاذ)، التي خلقته، أي وجود، ولا يقارن قط، بالقيادات الأسلامية، التي أخذ يهاجمها مؤخراً، أمثال د. الأفندي، و د. التجاني عبد القادر. ولئن أنكر الطيب مصطفى دور الاستاذ محمود في مناهضة الإستعمار، فما وزنه بإزاء كبار الكتاب، والمفكرين، والشعراء الذين إعترفوا به وسجلوه في إنتاجهم الثقافي الرصين؟! فقد كتب المرحوم، الشاعر محمد المهدي مجذوب، في مقدمة قصيدته التي اسماها الى الله ( من المنبر في مسجد رفاعة إنبعثت الصيحة وخرج المسلمون –كالمسلمين الأوائل- في لحظة إلهية، يندفعون الى الكافر، ولقيهم هذا خلف صف من العساكر، وانطلق الرصاص، وتقدم الرجال يمشون على خطى محمود) .. وكان مما جاء في تلك القصيدة العصماء، عن مدينة رفاعة الثائرة :
( هي أدت عن شعبها الدين يارب وللحق في الشعوب ديون
رفعت طرفها الى الله والأدمع في خدها رجاء حزين
ليس تشكو الى سواه وقد أعرض سودانـها وقل المعين
أين محمودها الذي دفع الضيم أللقيد في يديه رنين؟) (الدامر نوفمبر 1946م)
وحين زار الشاعرالاستاذ، في السجن، كتب قصيدته "المجاهد" في مارس 1947م، وقدم لها بقوله: (قيلت هذه القصيدة بعد أيام من الزيارة الرسمية لسجن كوبر وقد منعت سلطات السجن يومذاك أعضاء الحزب الجمهوري من زيارة رئيسهم المجاهد محمود محمد طه) ومما جاء فيها :
محمود يا ابن محمد لك أسوة أوعيت محنة يوسف تأويلا
وطن وهبت له الشباب منضراً ورأيت أجمل ما وهبت قليلا
بات الرجال على الخيانة والخنى وجعلت قيدك للوفاء مقيلا
الفجر منتظر حدائك صافياً بهدى السماء ونورها مشمولا
تُلقي البلادُ الى يديك زمامها بطلاً يعود بفخرها موصولا
فرداً على آي النبي وشرعه عدلاً يقيم على البلاد عدولا
وهو الأمين وسوف يسأل معجب أتراه يبعثه الرسول رسولا
قلبت ياوطني السيوف كثيرة حتى وجدت حسامك المأمولا
محمود يلمع في عماية كوبر مثل الهلال وضاءة ونحولا
الله طهر اصغريه ومدّه ظلاً على أهل الحقوق ظليلا
الصايم القوام بين قيوده يتلو الكتاب منزل تنزيلا
محمود برأك العليم من الهوى وأحق فيك على الحياة دليلا
الفجر انت على النفوس ولم يكن بسواك نور هداية مكفولا
أنت الغياث لموطن أبناؤه تركوه بين عيونهم مخذولا

ولئن حاول الطيب مصطفى، وهو يخوض في أوحال جهالاته، أن يشكك في دين الاستاذ محمود، فما هي معرفته بالدين، وكم قدره فيه، بإزاء العالم البروفسير عبد الله الطيب مفسر كتاب الله، ومعلم الاجيال ؟! فقد قال:
قد شجاني مصابه محمود مارق قيل وهو عندي شهيد
وطني مجاهد وأديـــب منشئ في بيانه تجويد
وخطيب مؤثر ولديه سرعة الرد والذكاء الفريد
وجرئ وشخصه جذاب ولدى الجد فالشجاع النجيد
ذاق سجن المستعمرين قديما ومضت في الكفاح منه العقود
............................................................
قتلته الافكار في بلد الجهل الذي سيطرت عليه القيود
واثقاً كان في الخصومة بالفكر لو الفكر وحده المنشود
سبق الناس في السياسة رأياً حين فيها تفكيرهم محدود
............................................................
جعلوه يرقى به الدرج الصاعد نحو الهلاك خطو وئيد
كشفوا وجهه ليعرف أن هذا هو الشخص عينه محمود
قرئ الحكم ثم صاح به القاضي ألا مثله أقتلوه أبيدوا
وأراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
وعلى وجهه صفاء وإشراق أمام الردى وديع جليد

ولم يذكر الطيب مصطفى، أي دليل من كتب الاستاذ محمود، أو محاضراته، يبرر به أكاذيبه، حين قال (نقض عرى الإسلام جميعها بما فيها الصلاة والزكاة والحج بل الذي نصب نفسه رسولاً بعد النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم) .. ولا حين بدأ مثل البسطاء، الذين لا يقرأون، فيضللهم بعض أئمة المساجد، حين قال عن الأستاذ ( تخليه عن الصلاة بحجة انها رفعت منه مع انها لم ترفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي حتى تتورم قدماه )( الإنتباهة 10/1/2010م). وإذا سألنا الطيب مصطفى، أين قرأ للاستاذ محمود، أنه قال رفعت عنه الصلاة، فهل سيجد جواباً، غير أن يفغر فاه دهشة ؟! ألاترون معي إن من أكبر أيجابيات حكومة (الانقاذ)، أبعادها الطيب مصطفى، من منصب مدير الإذاعة والتلفزيون ؟! وحصر أكاذيبه، وعنصريته، وتخلفه، في صحيفة واحدة، بدلاً من أن يطير مع الاثير الى كل مكان ؟! ولو لم يكتف الطيب بشائعات المعارضين القديمة، التي تدل على عدم إطلاعه، لحاورته في فهمه المغلوط لفكر الاستاذ محمود، ولكنني، فقط، أريد له ان يكون صادقاً مع نفسه، ولو مرة واحدة في حياته، ويسألها سؤالاً بسيطاً : إذا كان هنالك رجل، ينقض عرى الإسلام، من صلاة، وصوم، وحج، ولا يؤمن بها، فلماذا يكتب هذا الرجل، أكثر من أربعين كتاباً عن بعث الإسلام، منها أثنين عن الصلاة هما " رسالة الصلاة "، و "تعلموا كيف تصلون"، وواحد عنوانه " محمود محمد طه يدعو الى طريق محمد" ؟! ولماذا يكتب تلاميذه حوالي مأتي كتيب، في تفصيل الدعوة الإسلامية التي يدعون إليها ؟! إن التضليل باسم الدين، يمكن أن يتهم به قادة الحركة الإسلامية، لأنهم يستغلون الدين ليصلوا به الى السلطة، عن طريق الانتخاب أو عن طريق الإنقلاب .. لكن الاستاذ محمود، رغم أنه أنشأ الحزب الجمهوري عام 1945م، الا انه لم يشارك في أي انتخابات !! فهل يعرف الطيب مصطفى، لماذا لم يدخل الحزب الجمهوري الانتخابات ؟! لأن عضويته لم تبلغ نصف الشعب، فإذا دخل الانتخابات، وهو لا يملك الأغلبية، فهذا يعني انه يريد ان يفوز باصوات آخرين، غير أعضائه، وهو لا يقبل هذا لنفسه !! ثم انه إذا لم تكن له الأغلبية في البرلمان، سيضطر الى الموافقة، على قرارات، تخالف مبادئه، خضوعاً للاغلبية الميكانيكية، وهو لا يقبل أي تنازل عن مبادئه !! فطريقه إذن أن يقنع الناس بفكرته حتى يحقق الأغلبية، وإلا ليس له سبيل الى السلطة. فإذا وضح هذا، فإن رجلاً هذا فكره، لا يمكن ان يتهم بالتضليل باسم الدين، ليكسب الاصوات التي تسوقه للسلطة، لأن السلطة لم تكن أولويته، وإنما التوعية هي التي كانت أولويته. ثم انه عاش حياته كلها على الزهد والكفاف، فما حاجته للدنيا، حتى يضلل الناس بسببها ؟!
يقول الطيب مصطفى (محمود محمد طه كان أول من نادى بالتطبيع مع إسرائيل وأول من أيد حق اليهود في أرض فلسطين)(المصدر السابق). دون ان يذكر ما قاله الاستاذ محمود، في هذا الصدد، ودون أن يقارن بين ما طرحه الاستاذ محمود، للدول العربية في الستينات، من مصالحة اسرائيل، حيث تكون لهم قوة تفاوضية، يحققون بها في مقابل السلام مع اسرائيل، حقهم في قيام دولتهم، وفي إيقاف الهجرة والرجوع لحدود 1948م، ثم ما رضي به العرب، الآن، دون ذلك ببعيد، وعجزوا عن تحقيقه. فقد جاء (كما قلنا فإن اعتراف العرب باسرائيل واقعياً، وعملياً حاصل، وكل المشاريع التي تقدم في المنظمة العالمية، الآن، ترمي الى تسجيل هذا الاعتراف. لا يختلف في ذلك أصدقاء العرب، أو أصدقاء إسرائيل. ولعل كل ما هناك، من إختلاف بين الفريقين هو هل يكون الجلاء قبل تسجيل هذا الإعتراف أم بعده؟؟ وهناك إصرار إسرائيل على التفاوض المباشر. وامام هذا الإصرار فإن إسرائيل ستكون مستعدة لتنازل كبير، قد لا يكون ممكناً بغير قوة المساومة التي يحملها هذا الاعتراف من جانب العرب، ومن مصلحة القضية العربية الا تضيع قوة المساومة هذه، بتمسك العرب بعدم الإعتراف اللفظي، مع ان الاعتراف عملياً واقع ، ومع الزمن ، فإن اسرائيل ستحصل على هذا الإعتراف ، بدون ان تدفع عليه ثمناً كافياً للعرب) (محمود محمد طه (1967م) : مشكلة الشرق الأوسط . الخرطوم : مطبعة الطابع السوداني ص 169). لقد حدد الاستاذ محمود، مشكلة العرب، وطرح عليهم الحل، وذلك حين قال ( وعندنا ان وقت التدليس، وتمويه الحقائق، وتمليق الشعور، ودغدغة العواطف النواضب قد ولى الى غير رجعة وأن على الناس ان يرتفعوا الى منازل الرجولة والمسئولة التي تقوى على مواجهة المسئولية في عزيمة الأحرار ... بإيجاز : العرب انهزموا لأن داخليتهم فاسدة .. فاخلاق الشعوب العربية قائمة إما على قشور من الإسلام، أو على قشور من المدنية الغربية، أو على قشور من كليهما .. وهم لن ينتصروا الا إذا أقاموا أخلاقهم على لباب من الإسلام، ولباب من المدنية الغربية- مدنية الإسلام الروحية-المادية- وهذا لن يتأتى، على الإطلاق، بالسير وراء الزعامات الحاضرة .. جمال عبد الناصر والقومية العربية، فيصل والتفكير الإسلامي، السلفي المتخلف ) (المصدر السابق). إذا كان الطيب مصطفى، يرى في هذا الحديث مفارقة، فلماذا لم يتبن داخل المؤتمر الوطني، الدعوة لمحاربة اسرائيل، وإلقائها في البحر، بدلاً من التحريض على محاربة وقتال إخواننا الجنوبيين، المسالمين، الطيبين، الذين لم ينتزعوا أرضنا، ولم يعتدوا علينا؟!

ويمضي الطيب مصطفى فيقول:( ولذلك لا استبعد ان يكون هذا المركز الذي يحاول إحياء ذكرى الرجل مدعوماً –شأنه شأن كثير من منظمات المجتمع المدني والمراكز الثقافية الداعمة للحركة الشعبية وللتغريب ولحملات التنصير والاستلاب الثقافي في بلادنا- من بعض السفارات والمنظمات الغربية ) ( الانتباهة 10/1/2010م). ولو كان الطيب مصطفى، يملك قليلاً من الحياء، لما قال هذا الكلام. ولقد ورد في الحديث " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فأفعل ما شئت ". وذلك لأن المؤتمر الوطني يهدر أموال الدولة، يمنة ويسرة، لمظاهراته، ومناسباته !! ألم يقرأ الطيب مصطفى ما ورد الصحف ؟! فقد جاء ( كشف تقرير وزارة المالية بولاية الخرطوم للنصف الاول من العام عن فوارق ومفارقات في اولويات الصرف من ميزانية الاحتياطي. وفيما صرفت الولاية 200 ألف جنيه لحشد نسائي لمناصرة رئيس الجمهورية بلغت مصروفات وزارة التعليم 50 ألف جنيه ونفس المبلغ صرفته الولاية في تكريم الوالي السابق عبد الرحيم المتعافي وهو يساوي الدعم المخصص لدار رعاية الطفل بالمايقوما )( السوداني 12/11/2009م). وهناك عدد كبير، من منظمات المجتمع المدني، والمراكز الثقافية، التي تعنى بنشر الفكر الإسلامي، ويقوم على رأسها كبار منظري المؤتمر الوطني، وقادته، تابعة للمؤتمر الوطني، وتقوم بتقديم مقترحات للدول (الكافرة)، وتتلقى منها التمويل فما ظنه بهؤلاء ؟! بل هل كان من الممكن، ان تستمر صحيفة " الانتباهة " الفارغة، المليئة بالسباب، والتجني، والتطاول، والسطحية، لو أن الحكومة لا تشتري منها آلاف النسخ يومياً، توزعها على الجيش، أو المصالح الحكومية ؟! بل ألا تتلقى الحكومة، نفسها، المساعدات المستمرة، من المعونة الامريكية والاتحاد الأوربي، وغيرهم .. وهذه القوات الدولية، المقيمة الآن في دارفور، ألم تأت لتساعد الحكومة السودانية، فيما عجزت عنه من حفظ الأمن، وتحقيق السلام في دارفور؟! والانتخابات التي تريد الحكومة ان تقيمها، ألم تأخذ لها تمويلاً من برنامج التنمية التابع للامم المتحدة ؟! ألم تقم مراكز أجنبية كمركز كارتر، بالصرف على تدريب وتوعية الناخبين ؟! أم ان الطيب مصطفى يريد هو وقبيله، ان يستغلوا كل أموال الدولة، ويضيفوا لها أموال المنظمات الأجنبية، ثم لا يريدوا للحركة الشعبية، ان تتلقى مساعدات، ولا لمنظمات المجتمع المدني والمراكز الثقافية، ان تجد تمويلاً لمشاريع تخدم بها فئات فقيرة، ومضطهدة ، من الشعب، ليموتوا هم من التخمة، ويموت غيرهم من الجوع ؟!
والطيب مصطفى، محتار في ظاهرة الجمهوريين، وتضحيتهم من أجل مبادئهم، ولذلك يقول ( يلح عليّ سؤال يتكرر كثيراً : ما الذي يجعل هؤلاء المساكين يضيعون أعمارهم سدى بل يزهقونها في نصرة الباطل وبالرغم من خسران اعمالهم تجدهم يحسبون انهم حسنون صنعاً ؟!) (المصدر السابق). ولو أمهل نفسه، وسأل الله ان يعينه، بتجرد، وصدق، ربما فتح الله عليه بالاجابة، وعلم انهم لا يضيعون حياتهم، بل يملأونها بالفكر والشعور، وتلك هي الحياة الباقية. ولكنه تعجل كعادته، واجاب في بلاهة لا يحسد عليها (هل بربكم سبب غير الشيطان ؟!) !! وهكذا ظن انه حل المعضلة، بهذا الحل الساهل، وهو جعل الشيطان شماعة يعلق فيها المسلمون خطاياهم، وخطايا غيرهم .. فما ظن الطيب مصطفى، إذا اخبرته أن الشيطان، ليس مشكلته الأساسية .. فقد قال تعالى عنه ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) !! وقال عن كيد ومكر بعض البشر ( وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان كان مكرهم لتزول منه الجبال)!! وكما ان الشيطان يضل بعض البشر، فإن بعضهم يضل الشياطين أنفسهم، قال تعالى عن هذا الاضلال المتبادل ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غروراً) .. وليس للشيطان سبيل على البشر، الا من خلال نفوسهم الأمارة بالسوء، وهذه النفوس، قد تبلغ حد من الفساد والسوء، يفوق الشياطين كما انها يمكن ان تبلغ حد من الصلاح والخير يفوق الملائكة. ولعل الذين قتلوا الابرياء في دارفور، ومثلوا بجثثهم ، وحرقوا القرى بما فيها الأطفال وبهيمة الانعام، واغتصبوا النساء، والذين خططوا لذلك ودبروا له، أسوأ من الشياطين، بل إن من الشياطين من يحتار في فعلتهم النكراء.

ونحن لا نحتار في الطيب مصطفى وقبيله، مثل حيرته هذه فينا، على مستوى الشريعة الظاهرة. وذلك لأننا نعلم موروث النفس البشرية ، وحاجتها المستمرة الى التربية والتهذيب، والنظر الداخلي، والنقد المستمر للذات، ومحاربة الخطيئة في مستوى الخاطر، قبل ان تلح وتخرج للحواس، ثم يضطر الانسان لاقترافها. ولما كان تنظيم الاخوان المسلمين، بكل مسمياته المختلفة، لم يقم على أي تربية، وكانت ممارسة العبادة والشعائر فيه مظهرية، وغير مرتبطة بتقويم السلوك اليومي، فقد ساق ذلك الى النفاق، والإستغلال البشع للسلطة والثروة، ودفع الى مزيد من الاخطاء والذنوب، ومعلوم في السلوك الديني، ان الخطيئة إذا لم تعالج، ساقت الى أخرى، وساقت تلك الى غيرها، حتى تحيط بالانسان خطاياه، من كل جانب، فلا يستطيع الفكاك منها الا بعقوبة النار، قال تعالى( بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون). ومع ذلك فاننا نحتار فيهم، من حيث الحقيقة، القائمة على الحكمة الخفية، التي جعلته تبارك وتعالى يختار لهم هذا الطريق الشاق، لتعليمهم .. فلقد كان السادة الصوفية، عليهم رضوان الله، إذا رأوا شخصاً يتصرف تصرفاً، ضد نفسه، ولا يجر عليه الا الضرر والشقاء، يحتارون فيه، ويقولون " اقام العباد في ما أراد " !!