إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
حول مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي
(علماء) بزعمهم!!
د. عمر القراي
حول مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي
(علماء) بزعمهم!!
إنعقد في الخرطوم بفندق السلام روتانا ، في الفترة بين 4 الى 6 يوليو 2007م ، ما سمي بمؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي ، الذي نظمته وزارة الإرشاد والاوقاف (الشئون الدينية سابقاً) ، بالتعاون مع مجلس التعايش الديني السوداني ، والمعهد الملكي للدراسات الدينية بالاردن. ولقد خرج المؤتمر بتوصيات طيبة منها:
(أولاً: أن الاصل واحد للديانتين الإسلامية والمسيحية ، وعلينا ان نتعاون على البر والخير لمصلحة شعبنا العظيم والانسانية جمعاء .
ثانياً: أن الدعوة للدين والتمسك بمبادئه انما تكون بالحسنى والرفق ومن واجبنا نبذ الاثارة واجتناب التهييج والعنف وانواع العصبيات الطائفية والحرص على نشر ثقافة السلام والتسامح والتكامل .
ثالثاً: ضرورة المحافظة على كرامة الانسان في بلادنا باعتباره قيمة عليا في دينينا العظيمين ومن واجبنا الدعوة لصون هذه الكرامة وتشجيع السياسات والجهود التي من شأنها ترقية هذه القيمة العليا وصونها.
رابعاً: ان السلام الذي تحقق في بلادنا نعمة يجب علينا ان نعمل على استدامتها وتعزيزها وذلك بنشر ثقافة السلام وتشجيع السياسات المؤدية الي ذلك ودعم جهود الدولة لتثبيت السلام ودعم الاستقرار والتكامل .) (الصحافة 10 يوليو 2007م) .
وكانت وزارة الاوقاف ، بالاضافة لشخصيات عالمية ، قد دعت العديد من الشخصيات السودانية ، ونشرت اسماءهم بالصحف ، وقد شمل هؤلاء: الاساقفة والقساوسة الكاثوليك، وبعض الشخصيات المسيحية التقليدية .. ومن المسلمين انصار السنة بشقيهم ، وبعض زعماء الطرق الصوفية ، والفقهاء ، والاخوان المسلمين ، ورجال الدين من المؤتمر الوطني، وحزب الأمة ، وشخصيات عامة ، وبعض المتطرفين من الخطباء ، والوعاظ الذين اشتهروا بالاثارة والتكفير . ولقد ظنت الشئون الدينية انها دعت علماء السودان لذلك المؤتمر!! ولقد تعمدت عدم دعوة شخصيات من مواقع مختلفة ، اهتموا بموضوع الإسلام ، وتعايش الاديان ، باكثر، واجدر، من هؤلاء الفقهاء ، لانهم فقط يختلفون في طرحهم مع الفهم السلفي التقليدي . واذا كانت الدولة ممثلة في وزارة الاوقاف ، تعزل المفكرين من المسلمين ، وتحاكم فكرهم بهذا العزل ، فهل يرجى منها ان تتسامح مع المسيحيين؟! ولم نكن نتوقع الحياد من الشئون الدينية ، ولكن كنا نتوقعه من شخصيات ، يظن بانها تجاوزت موروثها من السلفية ، والتطرف ، وحققت قدراً من الموضوعية والاعتدال ، مثل د. الطيب زين العابدين .. فاذا به مثل الفقهاء ، لم يطالب بالتنوع الفكري للمؤتمر ، ولم يصر على حق اصحاب الآراء التي عرفت بمعارضة الفهم السلفي بالمشاركة ، وحتى حين علق على المؤتمر ، واشاد به ، ولم يتطرق الى هذا الخلل الجوهري .. بل لم يذكر خلو المؤتمر ، من مشاركة فعالة للمرأة ، رغم انها اكبر من عانى من ويلات الاضطهاد ، والحروب باسم الفهم الديني المتخلف.
ان من اكبر مفارقات المؤتمر ، التي ما كان ينبغي لمثل د. الطيب زين العابدين ان يغفل عنها ، استثنائه للسودانيين من معتقدي الديانات الافريقية ، الذين يشكلون نسبة اكبر من المسيحيين ، والذين تضرروا من ويلات الحروب ، وكانوا وقودها ، ويحق لهم قبل غيرهم ان يجدوا الأمن والامان ، في اديان اخوانهم من المسيحيين والمسلمين . ولعل التآمر على الوثنيين من اخواننا الجنوبيين ، وابعادهم من حوار الاديان ، ليس امراً عرضياً ، وانما هو تجسيد لعجز الفكر السلفي بشقيه التقليدي ، والمتطلع للحداثة مثل فكر د. الطيب زين العابدين عن قبول تلك المعتقدات باعتبارها اديان!! هذا مع ان الإسلام في اصله ، اعتبر معتقدات المشركين دين فقال تعالى (لكم دينكم ولي دين) .. أما مواثيق حقوق الانسان (التي اعتبرها الدستور الانتقالي من مراجعه الاساسية) فقد نصت على حرية الاعتقاد ولم تقصر ذلك على الإسلام أوالمسيحية ..