إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
بيان الحزب الليبرالي السوداني في الذكرى 22 لاغتيال شهيد الفكر والحرية
في الذكرى ال22 لاغتيال شهيد الفكر والحرية الأُستاذ محمود محمد طه، نحني في الحزب الليبرالي السوداني هاماتنا أمام ذكرى ذلك المفكر الجليل والوطني الغيور، ونقول ان تراث الشهيد محمود محمد طه لا يضيع في غياهب النسيان.
لقد كانت حياة الشهيد محمود محمد طه حياة للفكر والشعور، وكان في كل حياته الراشدة وفي مماته، ممثلاً لأجمل التقاليد الديمقراطية والتحررية في تاريخ السودان المعاصر. لقد ضرب الشهيد محمود، بصموده الاسطوري أمام قوى الهوس والتسلط والديكتاتورية، ضرب مثالاً رائعاَ لحرية المفكر وكرامة الإنسان وعزة السوداني أمام الطغيان.
ان تراث الشهيد محمود محمد طه اكبر من ان نحيطه في هذه العجالة، ولكننا نقول ان الشهيد محمود كان رائدا في دعوته للتغيير السياسي السلمي، المعتمد على قوة الفكر لا قوة السلاح، وفي رفضه للعنف. لا غرو إذن أن وصفته صحيفة اللوموند بعد استشهاده بغاندي افريقيا، فقد تطابقا في رفض العنف وبساطة الحياة وقوة الإيمان بمبادئهما.
كما كان الشهيد محمود محمد طه من دعاة حرية الفكر والعقيدة، وكان خصماً عنيداً لدعاة التكفير والهوس والتجهيل. كان يدعو للاجتهاد بديلاً عن الجهاد، وللتفكير بديلاً عن التكفير. أننا نقول أنه بغض النظر عن الإختلاف أو الإتفاق مع افكار الشهيد محمود محمد طه الدينية والسياسية، فقد كان الشهيد بلا شك من رموز الفكر الحر ومن الداعين للحرية الفكرية والسياسية في السودان، وفق شعار "الحرية لنا ولسوانا".
وكان الشهيد محمود من دعاة الحرية الفردية المطلقة، التي لا يحكمها ولا يقيدها الا المسؤولية عن تلك الحرية، وقد سعى لتربية نفسه وتلاميذه ومؤيديه بروح تلك المسؤولية، حتى يُحسن ويُحسنوا التصرف في تلك الحرية. ويجدر بنا هنا ان نستعيد مقولته في بناء الفرد الحر، والتي يقول فيها: "ذلك بأن الرجل الحر هو، في أول الطريق، من يفكر كما يريد، ثم يقول كما يفكر، ثم يعمل كما يقول، ثم هو، دائماً، مستعد لتحمل نتيجة فكره، وقوله، وعمله، أمام الله، ثم أمام المجتمع، وفق قانون دستوري.. ثم إن الحر، في درجة متقدمة من المراقي، إنما هو من يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم لا تكون عاقبة فكره، ولا قوله، ولا عمله، إلا براً، وخيراً، بالأحياء، و بالأشياء .."
وكان الشهيد محمود ايضاُ من دعاة العدالة الإجتماعية الشاملة، رفعا لشأن الإنسان، وحفظاُ لكرامته من الإمتهان، رغم موقفه الواضح من الشمولية الشيوعية وايدلوجيتها الماركسية. كان اشتراكيا يدعو للاشتراكية من منطلق الاخلاق، ولا يضحي في سبيلها بحريات البشر، الفردية والجماعية.
إن حزبنا يعتبر كل تراث الشهيد محمود محمد طه وتجربة الحزب الجمهوري، تجربة رائدة في السودان، وخصوصا في رفضها للطائفية والهوس، وفي دعوتها للحرية والديمقراطية، وفي محاولتها إجتراح الاصلاح الديني. اننا ندعو كل الشباب الى التأمل في هذه التجربة الرائدة، وإستخلاص الحكمة الكامنة فيها، والتعرف على شخصية الشهيد الفذة، حتى لا يضيع جهده في غياهب النسيان، او تتشوه صورته بالقتل المعنوي له بعد الموت، والذي لا يزال يصر عليه تجاهه إعداء الإنسان.