إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
كتيب يلخص أصداء خبر اغتيال الأستاذ محمود محمد طه
داخل وخارج السودان
ردود الفعل الخارجية
الدول الغربية
أبدت الصحافة الأمريكية وصحافة دول غرب أوروبا، والصحافة العربية التي تصدر هناك اهتماماً كبيراً بالحدث وأدانت الإعدام من منطلقات إنسانية، وأبدت احتجاجها على وأد الفكر ومصادرة الحريات الأساسية ..
وأوضحت أن الإعدام قد تم بسبب اعتراض الأستاذ محمود على الأسلوب الذي تم به تطبيق أحكام الشريعة في السودان وليس بسبب اتهامه بالردة، كما ذهب بعض تلك الصحف إلى اتهام الاخوان المسلمين والسعوديين بأنهم كانوا وراء تلك المؤامرة.. ومضت الصحف الغربية في التكهن بما يمكن أن يتولد عنه تطبيق حكم الإعدام من إفرازات سياسية وفكرية.
لندن
التايمز:-
تناولت الصحيفة الخبر بتاريخ 18/1/1985 و 19/1/1985 وتاريخ 21/1 تحدثت عن السيرة الذاتية للأستاذ محمود وعن نشاطه السياسي خلال الأربعين سنة الماضية، وأوضحت أن تنفيذ حكم الاعدام يعني الملجأ الأخير لكبح جماح الشعب السوداني ولبلد تزداد مآسيه عمقاً يوماً بعد يوم.
صنداي تايمز:-
تحت عنوان: نميري يلجأ إلى المشنقة كتبت عن أن إعدام الأستاذ محمود جاء نتيجة معارضته قانون الشريعة الإسلامية في منشور اعتبره الرئيس انتقاداً لحكمه..
القارديان:-
بتاريخ 19/1 أوردت الصحيفة مقالاً بعنوان "السودان يعدم قائداً مسلماً" جاء فيه أن حركة الجمهوريين بقيادة الأستاذ محمود قد أظهرت تحولاً حاداً ضد نظام نميري الذي يعاني من مشاكل كثيرة.. وذكرت أن المنشور الذي وزعه الجمهوريون بعد أن أطلق سراح زعيمهم وبعض أنصاره من السجن كان يحث النميري على إيجاد حل سياسي للأقليات غير المسلمة في جنوب البلاد بدلاً من تصعيد الحرب ضد جيش تحرير شعب السودان.
وبتاريخ 21/1 أوردت الصحيفة خبراً عن تنفيذ الإعدام وأن بريطانيا والولايات المتحدة طالبتا بالعفو عن الأستاذ محمود .. وبتاريخ 29/1 أوردت احتجاج الخارجية الأمريكية وأن منظمة العفو الدولية قد هاجمت عملية الإعدام والمحاكمة الموجزة وانتقدت تهديدات التوبة أو الموت لأعضاء الحزب باعتبار أنها تثير القلق حول مصير المئات من المعتقلين السياسيين في السودان.
العرب:-
بتاريخ 21/1 كتبت الصحيفة مقالاً بعنوان "طه والجلاد" ذكرت فيه أن كل الهيئات والمنظمات العربية والافريقية والدولية نددت وباستهجان شديد بالجريمة البشعة التي أقدم عليها حاكم الخرطوم حين قام في خضم عزلته وهوسه بإعدام المفكر السوداني الأستاذ محمود.
وأوضحت الصحيفة أن الغرض الأساسي من الاعدام تهديد مباشر لقوى المعارضة السودانية..
واختتمت الصحيفة مقالها بهجوم على جماعة الأخوان المسلمين في السودان لخروجهم في موكب تحرسه أجهزة الأمن يؤيدون فيه قرار الإعدام.
الدستور:-
تحت عنوان: "إعدام محمود محمد طه ينذر بشر مستطير.. خنق الفكر بحبال المشانق" نشرت الصحيفة مقالاً قدمت فيه خلفية مفصلة عن الفكرة الجمهورية ومؤسسها الأستاذ محمود ونشاطه السياسي طوال الأربعين سنة الماضية.. وأوردت ما قاله الأستاذ محمود أمام المحكمة والأسباب التي دعت نظام مايو إلى الاختلاف معه
"الحزن والأسى والتقدير"
جلسة مجلس العموم البريطاني:
وفي عددها الصادر بتاريخ 11 فبراير 1985 أوردت المجلة تقريراً عن الاجتماع الذي نظمته الأحزاب البريطانية في الثلاثين من شهر يناير، وذلك للتنديد بالجريمة البشعة التي ارتكبها النظام السوداني بتنفيذ حكم الإعدام بالشهيد محمود محمد طه.. ترأس الاجتماع السير غراهام توماس أحد كبار الموظفين السابقين بحكومة السودان، وقد لخص أهداف الاجتماع في ثلاث كلمات "الحزن والأسى والتقدير".. الشعور بالحزن أمام هذه الفاجعة، والشعور بالأسى بالنسبة للذين ارتكبوا هذه الجريمة، والشعور بالإجلال والاحترام أمام محمود وشجاعة الذين ضحوا بالغالي والنفيس لإعلاء كلمة الحق والذين كان المرحوم محمود محمد طه ينتمي إلى صفوفهم"
هذه الجريمة تقلل من قيمة كل إنسان!!
ثم تناول الكلمة السيد سيريل ثاومند نائب البرلمان الممثل لحزب المحافظين ورئيس جمعية عزيز للتفاهم العربي ـ البريطاني فكان مما قال: "والجريمة التي تمثلت في شنق هذا الرجل المسن بهذه الطريقة البشعة ودون أن يحظى بمحاكمة عادلة هي جريمة تقلص من قيمتنا، نحن المجتمعين في هذه القاعة ومن قيمة كل إنسان يوجد على وجه البسيطة"
ثم أعطيت الكلمة إلى ديفيد ألتون، نائب البرلمان الممثل لحزب الأحرار ببريطانيا الذي بدأ حديثه قائلاً ((إنني سعيد لحضور هذا الاجتماع لأعبر عن بالغ قلقي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في السودان التي بلغتني عنها أخبار مؤلمة في الأسبوع الماضي.)) ثم قال ((من واجب نواب مجلس العموم متابعة ما يجري في السودان وإعارة تطورات الوضع فيه اهتماماً جدياً لأن التعبير عن الرأي أصبح جريمة في السودان)).
ثم أخذ الكلمة السيد دونالد أندرسون الناطق الرسمي لحزب العمال البريطاني في الشئون الخارجية، الذي استهل حديثه بقوله: ((إن يوم الجمعة الموافق للثامن عشر من شهر يناير الماضي هو بمثابة يوم أسود في تاريخ السودان.. لقد اهتمت الصحافة البريطانية بمصير الشهيد الأستاذ محمد محمد طه ونحن اليوم إذ نثمن نضاله ونندد بهذه الجريمة البشعة فإننا نندد في الحقيقة بكل وسائل القمع التي مارسها هذا النظام ضد الذين خالفوه الرأي..))..
سجين 1946:-
ختم نائب حزب العمال كلمته بالتذكير بان الأستاذ محمود محمد طه ((الذي سجنه البريطانين في سنة 1946 بتهمة الشغب هو ضحية أخرى في ساحة الشرف، ضحية أخرى تقتالها أيدي هذا النظام الديكتاتوري، مشيرا إلي أنه يساند النداء الذي وجهه زميله في حزب الأحرار باعادة إهتمام أكبر لما يجري من جرائم وإنتهاكات لحقوق الإنسان في السودان))..
ثم استهل اللورد كارادون كلمته بقوله: ((إني سعيد بحضور هذا الإجتماع لأضم صوتي إلي نواب الأحزاب الثلاثة الذين عبروا أفضل تعبير عن مشاعري إزاء هذه الجريمة البشعة التي ارتكبها النظام السوداني في الثامن عشر من شهر يناير الماضى. وإني لأشعر بالأسى والحزن للأوضاع التي آل إليها السودان اليوم، هذا السودان الذي أحببت شعبه ولمست نبله)). وختم كلمته بقوله: ((إنني على يقين من أن هذا السودان سيسترجع أنفاسه وسيدب الأمل في جسده من جديد وإن غدا لناظره قريب)).
ثم أعطيت الكلمة للورد "ماكبيل" ممثلا عن حزب الأحرار، فبدأ حديثه بشكر المسئولين عن تنظيم هذا الإجتماع وذكر بخصال الشهيد محمود محمد طه مشيرا إلي أن هذا الإجتماع هو إعتراف بنضاله وإحياء لذكراه لكنه أساسا تعبير عن مساندتنا ومؤازرتنا لكل المعتقلين الذين يرزحون تحت نير الحكم الدكتاتوري في السودان..
ممثل الجمهوريين:-
ثم أعطيت الكلمة إلى مالك بشير مالك ممثل الأخوان الجمهوريين الذي بدت عليه علامات التأثر عندما أخذ الكلمة وأجهش في البكاء .. وبعد أن أعطى السيد مالك بشير نبذة عن حياة المرحوم الأستاذ محمود محمد طه وظروف إعتقاله في حزيران سنة 1946من قبل الحكم البريطاني تطرق إلى المراحل النضالية التى مر بها والمحاكمات والإعتقالات التى تعرض لها طيلة أشهر دون محاكمة. وبعد إطلاق سراحه باسبوعين أعتقل الأستاذ محمود محمد طه من جديد وحكمت عليه المحكمة بالإعدام الذي نفذ في الثامن عشر من شهر يناير الماضي.
ثم تطرق السيد مالك بشير مالك إلى الحديث لحياة الأستاذ محمود المتواضعة مشيرا إلى أنه لم تكن لديه حياة خاصة لأنه كرس حياته لخدمة الأفكار التى كان يؤمن بها..
خليل عثمان:-
وبعد إنتهاء كلمة السيد مالك بشير أعطيت الفرصة للحاضرين، فبادر الدكتور خليل عثمان والذي كان قبل مدة رهن الإعتقال في السودان وعرف الأستاذ محمود محمد طه في السجن. بادر في الحديث عن خصال هذا الرجل المتواضع فقال :((كان يعيش حياة بسيطة. أفكاره كانت واضحة. وقد تعلمت الكثير خلال التسعة أشهر التى قضيناها مع بعض في السجن. كان الأستاذ محمود شجاعًا، متسامحاً مع أعدائه .. وبوفاته فقد السودان أحد أبنائه الأبرار))..
وتحدث بعد ذلك السيد ((غردون مورنا)) من أبناء جنوب السودان الذي قال: ((إن هذه الجريمة البشعة التى اقترفها نظام نميري هي مؤشر على مدى وحشية هذا النظام وإنتهاكه لأبسط الحقوق الإنسانية سواء كان ذلك في شمال السودان أو في جنوبه الذي يعيش اضطرابات منذ سنوات من جراء سياسة هذا النظام))..
وتعاقب متحدثون آخرون عبروا عن إستيائهم من الجريمة واهتمامهم بقضايا المعتقلين السياسيين في السودان وكان من هؤلاء المتحدثين: مثل منظمة العفو الدولية، الدكتورة صفية صفوت وهي محامية سودانية، ومواطن بريطاني، ممثل رئيس الأساقفة ببريطانيا، ثم أخيرا سجين سياسي سوداني من أبناء جنوب السودان أطلق سراحه قبل ثلاثة اشهر وتمكن من الهروب من السودان.
قبل أن يعلن الرئيس غرهام توماس عن إنتهاء الإجتماع طلب من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت ترحما على روح الشهيد محمود محمد طه وكل الشهداء السودانيين الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعا عن الحرية.
فـرنسـا
أوردت الصحافة الفرنسية نبأ الإعدام وتفاصيل محاكمة الأستاذ محمود مع أربعة من تلاميذه.
لومــوند:-
بتاريخ 21/1 جاء فيها أن إعدام الأستاذ محمود هو الأول من نوعه منذ تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان.
لوماتان:-
نشرت في عددها الصادر بتاريخ 21/1 تحت عنوان (( إعدام غاندي افريقيا العجوز)) مقالاً تناولت فيه المحاكمة والفكر الجمهوري وظروف وملابسات الحكم.
وذهبت تقول أن الرئيس نميري المهدد من قبل جبهة تحرير شعب السودان التى أضعفت نظامه أراد أن يعطي مثالاً بإعدامه للأستاذ محمود. ولكن هذه القضية سوف تضفي هالة كبيرة على فكرة تمكنه من إنتشار أكثر بعد وفاته.. وذكرت الصحيفة أن الأخوان الجمهوريين والذين عرفوا بعدائهم للأخوان المسلمين قد حظوا لفترة طويلة بتسامح النظام. ولكن تطبيق الشريعة الإسلامية هو الذي أدخلهم إلى المعارضة حيث أخذوا على الرئيس إنفراده بالسلطة و فساد نظامه الذى طال الضعفاء ولم ينل من الأقوياء..
مجلة جون آفريك
((إعدامه مسَنا عميقاً))
مجلة ((جون آفريك)) ذات الإنتشار الواسع في الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، خصصت في عددها بتاريخ 30/1 غلافها الأمامي لخبر الإعدام بعنوان "الجريمة: إعدام محمود محمد طه بسبب أفكاره" ..
قالت المجلة: (( إننا لا نعرف عنه شيئاً كثيراً – ولكن إستشهاده قد مسنا عميقاً..))
قال للطاغية : لا!!
ثم مضت المجلة تقول: ((إن محمود محمد طه، في شجاعة منقطعة النظير، قد واجه نميري، عندما إتجه هذا الأخير لإنقاذ نظامه المهترئ بأن ألقى رهانه على الأخوان المسلمين وتطبيق الشريعة الإسلامية. وكان طاغية الخرطوم قد ذهب حتى أراد أن يعلن نفسه إماما! وفي أثناء ذلك كان يقطع ويجلد بكل ما أوتي من قوة. فكان أن قال محمود طه: لا. فحكم عليه بالردة، ثم أعدم.. وذلك قبل أن يتم حرق كتاباته أيضاً.
إننا، إذن، في قلب محاكم التفتيش وإن إسلاماً يتشرف فيه أي مسلم بهذا الإسم يجب ألا يرتبط بإعادة أشد الممارسات ظلاماً في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية .. ولذلك يجب ألا ننخدع، فإن أفكار محمود طه عن القرآن لم تكن موضوع قضية إلا بالصدفة. وإننا لا نعرف إن كان النبي قد ترك رسالة إلي رسالتين، ويمكن العلماء أن يناقشوا هذا الموضوع كيفما شاءوا. ولكنه قد ترك لنا رسالة في غاية الوضوح.. إن ذلك المهندس السابق قد كان فى قلبه أن يعيد للإسلام وجهه الإنساني.
إبتسامة أمام الموت!!
عندما رفع الجلاد القناع عن وجهه، قبل أن يضع حول عنقه الحبل القاتل، كان محمود محمد طه يبتسم!! وقد نقل أحد الزملاء من وكالة الأنباء الفرنسية أنها ((إبتسامة سخرية)) .. إن هذا الثبات أمام الإمتحان العظيم هو من حظ القديسين .. وهو يذكرنا بتوماس مور، الذي كان في القرن السادس عشر قد عارض بنفس التصميم والثبات طغيان السلطة وتحكمها على الضمائر. فانتهى به الأمر إلى المقصلة ثم بعد أربعة قرون تم تنصيبه قديساً.. إننا نأمل من المسلمين، الذين أساساً، يجهلون عبادة الشهداء، ألا يأخذوا زمناً ليعرفوا في محمود محمد طه رجلاً قديساً.. رجلاً يقبل أن يموت من أجل أن يعيش إخوانه بصورة أفضل..
المستقبل
26 مايو 1985
الحلاج الجديد في الخرطوم - بقلم أحمد بهاء الدين
((وقالت وكالة الأنباء الأجنبية أنه أقتيد إلى المشنقة وهو مغطى الوجه والرأس، وحين أزيح الغطاء لحظات، ليرى الناس وجهه، ويتأكدوا أنه هو الذى صدر عليه الحكم، طبقاً للقانون بدا وجهه مبتسماً.
ذلك هو الشهيد محمود محمد طه رئيس جماعة الأخوان الجمهوريين المسلمين في السودان..
وقلنا إعدامه لن ينفذ وسمعنا عن وساطات إسلامية لإيقاف المهزلة الدامية ولكن حكم الإعدام نفذ بعد أيام شنقا حتى الموت ..
انني هنا لا أناقش دعوة محمود طه ولا كلامه ولكنني أعرف فقط أنه لم يحمل سلاحا ولا حرض على شغب ولكنه مضى كما شاء أن يمضي 40 عام، يدعو الى طريق ربه، كما تصوره، بالحكمة والموعظة الحسنة ..
ونحن نرى الزعماء المتحدثين باسم الإسلام، يرددون علينا، صباح مساء، أن الإسلام عرف حقوق الإنسان قبل العالم بقرون، وأنه دين الحرية والمساواة، وهذا كله صحيح، ولكنه أيضا صحيح في فجر الإسلام وضحاه. وليس صحيحا في الذين سحبوا على هذا الضحى المشرق عبارة الليل والظلام، وما يزالون. صحيح في تعاليم الإسلام، ولكنه ليس صحيحا في أساليب بعض الحاكمين باسم الإسلام. وإن حدثا من هذا النوع لا يرفع راية للإسلام في أي مكان .. لأنه يسيئ إلى روح الإسلام، ويشوهها ...
ولعل الحكم في الخرطوم رأى أن كسب معركة صغيرة في ساحة سجن الخرطوم، أسهل من كسب معركة في حرب جنوب السودان!))
أصداف- ولآلي محمود محمد طه:
ونشرت مجلة الوطن العربي قصيدة منثورة لغسان الإمام، فيما يلي أبيات منها:-
كنا نصنف ثوريين أو رجعيين
اليوم نصنف مؤمنين أو ملحدين
كنا نعتبر خونة أو وطنيين
اليوم نعتبر ملائكة أو شياطين
كنا نشنق ونعدم و بتهمة العمالة للإستعمار والإمبريالية
اليوم نشنق ونعدم بتهمة الكفر، والردة، والإلحاد، والزندقة
تعددت الأسباب والموت والقهر واحد في هذا العالم العربي الحزين
* * *
الحرية كل الحرية للرأى الواحد
والشنق حتى الموت للرأى الآخر
أصبح مختلسو الحرية دعاتها
وحماتها لصوصها
القيمون عليها قتلتها ومغتاليها
* * *
محمود محمد طه اجتهد في الدين،
فحاول وصل ماضيه بحاضره،
وتزويج أصالته بعصره
فإن أصاب فله الثواب
وإن أخطأ وبالغ، وجب تقويم إجتهاده
فالرأي يدفع بالرأي
والحجة بالحجة
* * *
الإسلام عدل وليس محاكم تفتيش
الإسلام رحمة وليس إنتقاماً
الإسلام مساواة وأخوة وليس وصاية
الإسلام تسليم لله وليس إستسلام لحكم وخنوع لحاكم
الإسلام دين للحياة وليس سلماً لمشنقة أو سيفاً لمقصلة
أمريكا
نيويورك تايمز
بتاريخ 19/12/85 أوردت تقريراً لمراسلها في الخرطوم قالت فيه إن السودانيين والغربيين المقيمين في الخرطوم ينظرون إلى تنفيذ حكم الإعدام على أنه تحذير وإنذار من الرئيس نميري إلى معارضيه الدينين والسياسيين وأضافت أن الدبلوماسيين والسودانيين دهشوا لتنفيذ حكم الإعدام لمجيئه في وقت يصادف فيه الرئيس نميري تزمراً داخليا متزايداً بسبب حالة المجاعة في البلاد.
لوس أنجلس تايمز
في مقال كتبه جـ. هـ. جانسون قالت الصحيفة بتاريخ 27/1/85 إن حادثة تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود لا تمثل إجهاضاً للعدالة الإسلامية وحسب وإنما تمثل أيضاً الشعور المتزايد بعدم الإستقرار من جانب المتعصبين المسلمين الموجودين بالسلطة الآن..
وقال كاتب المقال أنه تحدث مع الأستاذ محمود قبل فترة ويعتقد أنه من المؤمنين المخلصين لجوهر الإسلام.. ولذلك فإنه عارض الطريقة القاسية التى طبقت بها قوانين الشريعة الإسلامية..
ويذهب السيد جانسون إلى أن إعدام الأستاذ محمود كان نتيجة لضغوط قوية من الداخل على نميري من جانب مؤيديه من الأخوان المسلمين المتطرفين، ومن مؤيديه في الخارج السعوديين.
الباكسـتان
صحيفةالمسلم
عبرت عن أسفها العميق لإعدام الأستاذ محمود ولإتهامه بالردة و معارضة القوانين الإسلامية. بينما كان هو في الواقع يعارض الأسلمة الخاصة بالرئيس نميري.. وأضافت أنه من المؤسف إعدام "شيخ" عالم لمجرد خروجه من الخط الرسمي وقالت إن ذلك مخالف لروح الإسلام.. وقالت الصحيفة إن إلتزام محمود بالإسلام لم يكن أمراً مستجداً وأن الرئيس نميري الذى تسلم السلطة كإشتراكي في إنقلاب يدعمه الشيوعيون قد أساء للإسلام بالتخلص من معارضيه بالقوة المجردة.
صحيفة "دون"
أبدت كذلك أسفها قائلة انه يبدو أن إتهام محمود بالردة جاء لإنتقاده أسلوب نميري القاسي في تطبيق القوانين الإسلامية .. وانتقدت الصحيفة تفسير الشريعة واسلوب تطبيقها في السودان وذكرت أنه من المبرر إنتقاد التفسير الرسمي للشريعة كما أن إختلاف الآراء أمر طبيعي.. وليس من المقبول الحكم بإعدام من يفسر الشريعة على خلاف التفسير الرسمى وإتهامه بالزندقة.. وأضافت الصحيفة أن إتجاه العالم الإسلامي لمحو آثار قرون من القهر الإستعماري الغربي وإحياء تراثه المفقود لابد أن يصاحبه إختلاف في الرأى حول التطبيق الإسلامي في عالمنا المعاصر وهذا هو الواقع في السودان حالياً ..
وقالت الصحيفة أن إختيار الرئيس نميري للتطبيق الإسلامي بصورته الصارمة قد لقي انتقاداً من دوائر وفئات إسلامية إلا أنه يبدو أن الحكومة السودانية مثلها مثل الكثير من حكومات العالم الثالث لا تطيق المارقين عليها، غير أنه يلزمها أن تفصل بين أغراض السلطة وتطبيق الإسلام في الحياة المعاصرة.
كندا
صحيفة الديلي نيشن
في عددها الصادر بتاريخ 22 يناير 85 تحت عنوان: الخرطوم تعتقل أربعمائة شخص قبل إعدام محمود محمد طه، ذكرت الصحيفة أن السلطات السودانية قامت بإعتقال أربعمائة شخص..
وذكرت أن الفكر الايدلوجي لهذه الجماعة يرتكز على تحديث تطبيق الشريعة الإسلامية وهم يعارضون التطبيق الحاليى للشريعة الإسلامية الذى أعلن في سبتمبر 1983.
الاكونمسـت
إن شنق الأستاذ محمود محمد طه زعيم الأخوان الجمهوريين والبالغ من العمر 76 عاماً ليثير هذا التساؤل الهام "هل يمكن أن يكون هناك مجال لفهم جديد للإسلام في الدول الإسلامية الحديثة؟" هذا ويفيد معظم المسلمين أن الإعدام الذي تمَ يوم 18/1/85 بالخرطوم فيه إجهاض للعدالة الإسلامية..
يقول نميري أن الأستاذ قد شنق لأنه عارض السياسة الجديدة في الحدود من قطع وجلد ولكن الأستاذ يقر الحدود ولكنه يعترض على طريقة تطبيقها من محاكم "العدالة الناجزة" ولعل ما حدث في محكمة الأستاذ دليل على ما يقول ..
((وأخيراً إذا حاول الحكام المتسلطين – مدعي الإسلام – كتم أنفاس الأفكار الجديدة قد يتحجر الفكر الإسلامي وهو المحتاج لأمثال الأستاذ محمود من المتفردين الأحرار))
جريدة المواطن: أتاوا
((تمَ في يوم الجمعة 18/1/85 بمدينة الخرطوم المغسولة باشعة الشمس، وببرود تام، الشنق لشيخ كبير ومسالم، وكان الشنق علناً، وجزاء لجرأته على إخبارهم أنهم مخطئون))
((ولد الشيخ عام 1910 ولقد سجنه الإنجليز للمشاكل التى سببها لهم في عام 1946 وأطلق سراحه بعد ثلاثه سنوات وفي فترة السجن تلك فرض على نفسه نظام للإطلاع والتفكير الروحي والصلاة وقد استمر على ذلك الحال لمدة عامين بعد إطلاق سراحه))
((وكان مراده أن يعيد إسلام القرن السابع الميلادي إلى القرن العشرين الحالي بعد السنين الطويلة من النوم عبر العصور الوسطى وعصر إعادة ولادة المعرفة وعصر المنطق وعصر الإلهام وعصر الفردية وعصر العلم، إلى القرن العشرين النووي .. هكذا أكمل حياته وأكمل ما كان يعتقد فيه بنفس الطريقة التى كان ينشر بها تعاليمه المطهرة من النقص البشري أو اي غرض شخصي وتلاميذه لا يملكون الآن شيئاً يحتفظون به أعظم من مثال الحياة الذي جسده لهم- إسمه؟ محمود محمد طه لكن هذا غير مهم .. إنه جزء من آلام المخاض المتأجج لأفريقيا الحديثة!!))