إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين

إنسانية القرن العشرين


هنا، نحن قلنا، في عنوان المحاضرة، إنسانية القرن العشرين، برضو في ناس قالوا إنسانية القرن العشرين المتفسخة! إنسانية القرن العشرين الطائشة! الإنسانية الداعرة! ونحن نقول نعم إنها إنسانية القرن العشرين المتفسخة الطائشة الداعرة!! الإنسانية دي لا تزال في ما يريده ليها الله لغاية اليوم.. والله ما هجرها.. الله ما تركها، الناس خلق الله، وعباد الله.. والله بحبهم.. لكن الله بسيِِّرهم ليه برجلين. بسيرهم ليه برجل المادة، وبسيرهم برجل الروح.. وفي كل المضمار الناس ماشين لي الله .. حتى أفجر الفجور، لما تشوفه، هو بارادة الله، لكن الله ما بيرضى ارادتو دي .. دا برضه من دقائق المعرفة بالدين .. الله يريد حاجة وما يرضاها.. الله يريد الكفر، ولكن لا يرضى إلا الايمان .. ربنا قال: ((إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر، وإن تشكروا يرضه لكم ..)) يعني، لما قال ربنا ((ان تكفروا فإن الله غني عنكم)) الغني الما بيغلب .. ومعنى الكلام دا انو أن كفرتم ما كفرتم مغالبة لله، تعالى الله عن ذلك، وإنما كفرتم بإرادته .. ولكن الارادة دخلت فيها الضدية .. ((الثنائية)) الخير والشر دخلوا بالارادة .. الكفر والايمان دخلوا بالارادة .. ربنا يقول: ((وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله، ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون)) ولكن ربنا أرسل الرسل لينقلونا من أرادته الى رضاه .. هنا، لما نكون نحن في حالة من حالات الفجور .. في حالة من حالات التحلل .. في حالة من حالات الجري وراء الدنيا .. في حالة من حالات التقدم المادي، زي ما نحن في حضارتنا الحاضرة، نحن سايرين لي الله في مضمار إرادته .. سايرين في هذه الحالات لي الله بالضلام – إن شئت – لأنو الله بيسوق ليهو الإنسان بالنفس ((وهي ضلام)) وبالروح ((وهي نور)) بالصورة دي .. زي ما الزمان بسير بالليل والنهار، - اليوم نصو ليل ونصو نهار – كذلك البشرية ماشة لي الله بالمادة ((الضلام)) وماشة ليهو بالروح ((النور)) .. وهي، عندما تكون في حالة المادة، في السير، كأنها قدمت رجل المادة في السير، دا البنسميه نحن الضلال، والتفسخ، والطيش، والمجون، وأحسن منه أن تقدم رجل الروح .. أن تجي الهداية .. ولكن ما من شك أنها جاية .. زي ما الإنسان ساير برجلين، يمين، وشمال، وأنت إذا رأيته في سيره مقدما رجله الشمال، لا تشك في أنه سيقدم رجله اليمين بعد أن يثبت رجله الشمال في الأرض .. الإنسان ماشي لغايته عندما يقدم رجله الشمال كما هو ماشي عندما يقدم رجله اليمين .. وهو ماشي لي الله في جميع الحالات، لكن الاختلاف أنو لما أستعمل المادة بغرض المتعة، والترف، وحب الدنيا، واتباع الشهوات، دا ضال .. وهو لا بد سيهتدي فيستعمل المادة نفسها بوعي، واعتدال، وقصد، وبغرض القرب من الله .. ويكون بذلك مهتدي ..
الموضوع المهم أن إنسانية القرن العشرين لأنها منحلة، ولأنها ضالة، ولأنها متفسخة، هي بحاجة الى الإسلام أكثر منها لو كانت مهتدية .. وكل إنسان بيفهم يدرك أن الحيرة مطبقة في الأرض كلها، وأن خلق الله، حيث وجدوا، هم في التيه، هم حائرين .. هم ضالين، هم فاقدين حاجة .. كل الحركات اللي نحن بنشوفها في طلابنا، وفي طلاب العالم، في شبابنا، وفي شباب العالم، في رجالنا ونساءنا، وفي رجال العالم ونساء العالم .. انو البشرية في التيه بتبحث عن الله .. وهذه هي الحاجة الى الإسلام ..

الإسلام اليوم في المصحف


الإسلام اليوم لا وجود له إلا في المصحف .. وقد نصلت حياتنا من الدين .. ما عليه الناس صور ميتة ومن أجل ذلك حياتنا متخلفة ومتأخرة .. دا عيبنا نحن موش عيب الإسلام .. كل ما تحتاجه البشرية موجود في المصحف، ولكن المصحف لا ينطق، وإنما ينطق عنه الرجال .. والرجال ربنا بيهدي بيهم من شاء، ما راح يجيء نبي بعد نبينا فقد ختم الله بيهو النبوة .. قال تعالى: ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين ..)) .. والحكمة في انو ربنا ختم النبوة أنو كل ما أراد تعالى أن يقوله للبشر عن طريق الوحي من لدن آدم والى محمد قد إستقر في الأرض بين دفتي المصحف .. وبعدين نبينا قال: ((إنما أنا قاسم، والله يعطي)) .. أنا قاسم الشريعة، أنا رسول جيتكم بالشريعة، من يعمل بالشريعة الله يعطيه الحقيقة .. ((إنما أنا قاسم والله يعطي، ومن يرد به الله خيرا يفقهه في الدين)) .. وربنا قال: ((واتقوا الله ويعلمكم الله)) .. وفي القرآن دا ربنا بكلمنا .. كل وقت وكل ما نقرأ القرآن .. دا كلام الله لينا .. لكن نحن ما إتخذنا الأدوات البتخلينا نفهم عنه .. فالعلم مبذول بيننا، وموجود .. ولو رجعنا ليه كنا نتنور ..