إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
قصائد كتبها بعض الشعراء لتمجيد مواقف الأستاذ محمود محمد طه
إلى الله
للشاعر محمد المهدي المجذوب - رحمه الله
الدامر نوفمبر 1946
ربَّ منكَ الرجاءُ والحق والعْدلُ ومنك الهدى ومنك اليقينُ
رب آمنت بالقضاء وبالصبرِ وإن جُنَّ قلبيَ المُستكِين
رَبَّ آمنتُ بالسلام ولكنَّ دواعي الحياة حربُ زَبُونُ
َربَّ هذى رِفاعةُ بك تَكْفرْ لقد مسَّها عذابُ وَهُونُ
المَشيِبُ الوقورُ فيها ذليلُ والشبابُ الغَيُورُ فيها سَجينُ
****
رَقَدَتْ أمْسٍ في حنانِك يا ربَِّ ونامت كما اشتَهين العيون
هل سَرىَ في الكرى لها القَدَرُ الفاجعُ تَخْفّى سِهامَه وتَبِينُ
وأتاها الصباحُ يكتمُ أمْراً وَهْىَ عن غيبِ أمره تَسْتَبِينُ
لم يعوَّدْ صفاءَها الصدَّ والهجرَ ولا طُهْرُها عليه يَهُونُ
ما تُراها جَنَتْ! فللجُنْدِ غَارَات عليها وللرصاص طَنِينُ
شُهُبٌ في الدموع والدََّمِ يهْوِينَ صَدَاهُنَّ في الرَِّياح أنِينُ
أهَيَ الحربُ ما تميز شيخاً من و ليد وهل تّعِفُ المّنُونُ
***
رَبَّ هذى رِفَاعَةٌ رجعُها النَّادِبُ لَحْنٌ تنأقَلَتْهُ الوُكُونُ
تَتَهاوى إلى التراب وهل فيه ملاذٌ من الرَّدى أو مُعِينُ
لَمَعَتْ في الدماء كالشفقِِ المَخْضُوب تنْحَازُ عن لظاه الدُّجُونُ
هَى (جَانْ دَرْكُ) في ستار من النار تجلى لها الخلودُ الأمينُ
خَلَصَتْ روحُها وما تفعلُ النيران والروحُ جوهرُ لايدَيِنُ
سِلَمَتْ (روُمَة) البدائع ما (نُيرونُ) تُفْنى على يَديْهِ الفُنُونُ
أو مِنْ (دَنْشُوَاىَ) زَارَكِ طَيْفُ دَموِىٍُ تَشِفُّ عنه السُّنونُ
جَمْرَةُ ما تزالُ تحْرِقُ صَدْرً الليلِ نَاحَتْ على مَدَاهُ القُرُونُ
***
رَبَّ رُحْمَاكَ! هَلْ رِفََاعَةَ إلا الحقُّ لا ترْتقىِ إليه الظُّنُونُ
هِيَ فيما علمتَ صبْرُ جميلُ وحياءُ كما شَرَعْتَ ودِينُ
ونفوسُ إباؤهن عريقٌ ووجوهُ جمالُهُنَّ مَصُونُ
برِئَتْ فَهيِ تجهل الشَرَّ كالطَفْلِ سَلامُ جمالُه والفُتُونُ
ما نَوتُ أيها العليمُ سِوى الخَيْرِ ولكنَّه الزمانُ الأفِينُ
ربَّ رُحْمَاكَ! قد تكَنَّفَها الرُّعْبُ وأفضت إلى الخُدورِ العُيُونُ
داسَها كافِرُ تحدَّاكَ والقوة بَطْشٌ وشَهَوَةٌ بل جُنُونُ
ما كذا تُحْكمُ الشعوبُ على الأرض ويُرْعَى السلام وهو جنينُ
كيف يُرْعَى السلامُ والأَرْضُ (برْلِينُ) قتالٌ جِمَاحُها والرُّكونُ
***
رَبَّ رُحماك للشرور ظِلالٌ سابغاتُ على العقول تَرينُ
أينَ من عادة الخِفَاضِ جَنُوبٌ ذَاهِلُ في الحياة ليس يُبينُ
شعَّ في صدره صليبُ وفي القلبِ ظلامُ وحيرةُ وشُجُونُ
ألقِسَِّ الجنوب دينُ هو الفتنةُ فيه ولابن مرْيَمَ دِينُ!
من تُراني أُحَركُ اليومَ والسودانُ فوضى وفُرْقةُ وفُتُونُ
جمَدَتْ مُقْلَتَاىَ من فِتَنِ الأحزابِ كُلٌ بأجنَبىِ يَدينُ
***
رَبَّ رُحماك! ذِى رِفَاعَةُ شَجْوُ أبَدِى بكاؤه والحنينُ
حسَرتْ من قِنَاعِها لَم يُعِنْهَا الْجَارُ والجارُ عاجزٌ أفِينُ
وطنُ ذلَّ فهو إن ثار فالثورةُ جوعُ تثورُ منه البطونُ
كلُّ فردٍ بشهوة هى فى عينيه تَسْعىَ وما سِوَاها عُيونُ
رَبَّ رحماك هل رِفَاعةُ والسُّودانُ ضِدَّان فالقريب شَطُونُ
عِشتُ حتى رأيتُ كيف يضيعُ الحبُّ أو ينكرُ الخدين الخديِنُ
هَىِ أدَّتْ عن شعبها الدََّينَ يا ربُّ وللحَّق في الشعوب ديونُ
رَفَعتْ صُرفُها إلى الله والأدْمُعُ في خَدِّهَا رجَاءُ حزينُ
ليسَ تَشْكو إلى سواهُ لقد أعرضَ سُودانُها وقل المُعينُ
أين محمودُها الذي دفعَ الضيمَ أللِْقَْيدِ فى يديهِ رَنِينُ
عَرَبىٌ يثورُ للعِرْضِ والدّينِ ولكنه الغداةَ سجينُ
طَاهِر القولِ والسَّريرة والكَف له الخَسْفُ والعذاب المُهينُ
رَبَِّ رحماك إنه فعل الخيرَ ولكنه وحيدُ غبينُ
***
وطنى همهمَ الحسامُ لدى الغِمْدِ له فَتْكَةٌ وفيه جُنُونُ
وطنى عانِق المنيةَ دون الحق والبعثُ بالمنونِ رهينُ
وارْفع البيرقَ الذى يكنِف الأرضَ كما يرعد السحابُ الهتون
إنما النيل حقنا من يد الله وميثاقُنا الكتابُ المُبين
والبحيراتُ في الجنوب إلى العتمور فالشرقُ سَهْلُه والحُزُونُ
قِسْمَةُ الله لا يشاركنا فيها دَخيلُ ولا دَعِىُ خئونُ
وطنى آنَ أنْ تضيقَ فركن الظلم هَاوٍ على ثَراكَ دفينُ
وَهْىَ خَمسونَ قد شربنا بها الحقدَ زُعافاً وطالَ فيه السُّكونُ
إنما الصبر قُمْقُمٌ فيه للجِنَّةِ جِنٌ وللمنون مَنُونُ
يا خدينى الذىِ يُحَجِّبه السجنُ وللشوق إنْ حُجِبْتَ عُيونُ
أنا ألقاك في ضميرى وفى البيعةِ يَلْقَى بها الإلَهَ اليمينُ
أنا ألقاك في الجهاد الذى يَعْذُبُ فيه الرَّدى ويَسْلُو الحزينُ